{والفجر 1 وليال عشر 2 والشفع والوتر 3 والليل إذا يسر 4 هل في ذلك قسم لذي حجر 5}
  انظر أيها العاقل في أحوال من يشهدون لأنفسهم بالنجاح ويحكمون لها بالهداية والفلاح كيف زلت بهم القدم من طريق الهدى إلى الضلال وتحولوا من أصحاب معرفة إلى ضلال أعواناً للظالمين وحرباً لله ولرسوله وللمؤمنين، نسأل الله السلامة من محبطات الأعمال ومدنيات الآجال إنه على ما يشاء قدير.
  ثم قال سبحانه وتعالى: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ١٦}، فهذه خليقته الثانية مع الفقر التضجر والتغبن مما هو فيه يشكو ربه ولا يعترف له بنعمة، ولم ينظر فيما كان أنبياء الله عليه من الحاجة والفقر والخوف والعناء وهم أشرف خلق الله من البشر، والله على غناهم ونصرهم قادر، غير أن الله رفعهم بتلك الخلائق إلى ذروة الكمال حين صبروا وعلى ما هم فيه من المصائب والعناء شكروا، اعتقدوها نعمة من ربهم وخالقهم لما يحوزون عليها من الأجور الأخروية، ولأنها صغَّرت الدنيا في أعينهم وحقَّرتها في عقولهم فعدوها من نعم الله البالغة وأياديه السابغة.
  ثم قال سبحانه وتعالى: {كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ١٧ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ١٨ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ١٩ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ٢٠} «كلا» ردع لهم وزجر عن مقالتهم المسخطة لخالقهم ورازقهم، فالإكرام من الله بعطائه للإنسان لا يكون كرماً مطلقاً، وكذلك الإقتار ليس إهانة على كل حال،