كيف يكون الطالب حال الطلب؟
  ولا ينتظر من زملائه ويتطلب منهم أن يعظموه ويشكروه، ويوفروا له ثواب فضله عليهم، فإن قاموا بحقوقه فذاك وإلا عاد عليهم بالذم والتثريب(١).
  وصلوات الله على سليمان بن داود، فلقد كان عالماً بطبيعة الدنيا إذ قال حين نظر إلى فضل الله عليه: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَاشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}[النمل: ٤٠]، وصلوات الله وسلامه على نبينا محمد وآله فلقد كان أشد الناس تواضعاً؛ فإنه ما انتقم لنفسه قط، ولا ترفع على صغير ولا كبير، ولا على شريف أو وضيع.
  ولهذا كان يسوي نفسه بأصحابه، لم ير لنفسه مكاناً عليهم، أو تطلب منهم أن يقدروه أو يرفعوه على أنفسهم، ومن هنا قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران: ١٥٩].
  ولكن الله تعالى كان يغار على نبيه من كثرة تواضعه فيأمر بتعظيم نبيه، وبتوقيره، فقال: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيءِ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ ... الآية}[الحجرات: ٢]، وقال في تأديب الصحابة: {إِنَّ
(١) التأنيب. تمت