الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الحسد

صفحة 22 - الجزء 1

  وهكذا سنة الله في خلقه، فتراه سبحانه يعطي زميلك أو شيخك أو جارك رغد العيش وملاذه ومشتهياته، ويمكنه من نيل ذلك، ويغدق عليه المال، ويوجه إليه أفئدة الناس، ويمكن له في الدنيا، بينما ترى زميله أو من هو في منزلته في العلم أو أكبر منه منزلة أو أقل على العكس من ذلك، فتراه محروماً من كل ذلك المتاع، فلا ينال لقمة العيش الجافة إلا بعد تعب، ولا يكاد يعرف اللحم والسمن والعسل، سيارته رجلاه، فهو يقاسي من شدة الفقر وقسوته في حال ما ترى زملاءه أو مشائخه وجيرانه يتقلبون في متاع الدنيا وزينتها لا يشتهون شيئاً إلا نالوه.

  نعم، وصنيع الله تعالى هذا ليس لكرامة أحدهما عليه وهوان الآخر، كلا؛ فلقد أعطى الله تعالى فرعون زينة وأموالاً، وحرم موسى وهارون، ولقد بلغ صنيع الله تعالى بموسى حالاً اقتضت أن يأكل من ورق الشجر حتى قال موسى #: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}⁣[القصص: ٢٤] قال علي #: والله ما سأل موسى ربه إلا قرصاً من العيش يسد به جوعته.

  فطالب العلم العاقل المؤمن بالله يعرف أن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، قد رضي بما قسم الله تعالى له، واطمأن به وسكن إليه، فلم يشغل نفسه بما قضاه الحكيم، وقسم بين عباده العزيز العليم، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}⁣[الحديد: ٢١]. قد عرف أن الله أعرف بمصالح عباده، وأن قسمته عدل وحكمة.