الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

العجب

صفحة 28 - الجزء 1

  صاحبه فيعظم إليه نفسه، ويحدثه بخصائصها ومميزاتها وبمواهبها، ثم يوازن الشيطان بينه وبين زملائه، فيريه نفسه في المنزلة العليا وزملاءه في المنزلة السفلى.

  حتى إذا استولت عليه هذه الوساوس نظر إلى زملائه بعين الاحتقار والازدراء، وحينئذ يستحق المقت ويصير من تلامذة الشيطان وجنوده.

  وبعد، فنقول: إنه قد لا يخلو ذووا الذكاء عن مثل هذه الوساوس والخواطر، غير أن اللازم عند ذلك أن يكثر من حمد الله وشكره؛ لأنها نعم عظيمة يجب أن تشكر ولا تكفر، فيجعلها وسيلة إلى ذكر الله تعالى وحمده وشكره، وإلى التواضع للمؤمنين، والإحسان والرحمة.

  ألا ترى كيف علَّم الله نبيه وأرشده إلى الشكر لتلك النعم التي عددها في سورة الضحى في قوله: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ٦ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ٧ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ٨}⁣[الضحى].

  ثم أرشده إلى شكر تلك النعم، فقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ٩ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ١٠ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ١١}⁣[الضحى].

  فالبصير في دينه يتواضع، ويشكر الله تعالى، ويتنازل عن حقوقه، ولا يرى لنفسه مكانه، ويحسن إلى إخوانه وزملائه خاصة، وإلى المؤمنين عامة، ولا يتخذ ما أنعم الله به عليه من الذكاء وزيادة العلم والفهم وسيلةً إلى الترفع على إخوانه وزملائه، والاحتقار لهم