الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

التعاون

صفحة 33 - الجزء 1

  والتفسير الثاني: مثل ما جاء في آية أخرى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}⁣[القصص: ٥٥].

  ٢ - أو بالسكوت والإعراض، وتماماً كما قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}⁣[الأعراف: ١٩٩]، وقال الله تعالى لنبيه ÷ معلماً له كيف يقابل أذى أهل الكتاب والمشركين في سورة المائدة: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}⁣[المائدة: ١٣].

  وهذه درجة فوق درجة السكوت والإعراض، إنها درجة العفو والصفح، ثم أفادت الآية أن ذلك من الإحسان، وأن الله يحب فاعله.

  فإذا كان الله سبحانه قد أمر رسوله بالعفو عن أهل الكتاب والمشركين الذين قال الله عنهم: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}⁣[آل عمران: ١٨٦] مقابل هذا الأذى الكثير، فإنا نعلم بطريق الأولى أن العفو عن المؤمنين فيما صدر عنهم من أذى قليل أو كثير له مكان كبير عند الله، ومنزلة رفيعة.

  فعلى الطالب أن يتأدب بآداب الإسلام، ويستضيء بنور القرآن، فلا يقابل السيئة بالسيئة، وليجاهد نفسه على ذلك، ولا يسمح لها بالتشفي، وليعلم أنه مأجور على كظم الغيظ، قال تعالى: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ١٣٣ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣٤}⁣[آل عمران]،