الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

عوائق في سبيل طالب العلم

صفحة 39 - الجزء 1

  بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}⁣[الفرقان: ٢٠].

  فالفقر بلوى وفتنة، وكذلك الغنى، فإذا صبر الفقير على فقره ورضي بقسمة ربه، ولم يحسد أحداً على ما آتاه الله من فضله، نال بذلك ثواب الصابرين، وهذه هي منزلة رفيعة لا يلقاها إلا الصابرون، الذين أوتوا العلم واليقين.

  وقد حكى الله لنا كيف كان نظر الناس إلى زينة قارون، وقسمهم قسمين: قسم من أهل الدنيا، وقسم من أهل الآخرة، فحكى لنا قول كل قسم منهما، فقال تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ .....} إلى أن قال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ٧٩ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}⁣[القصص: ٧٦ - ٨٠].

  فجدير بطالب العلم أن يتخلق بأخلاق الذين أوتوا العلم، وأن لا يتخلق بأخلاق الذين يريدون الحياة الدنيا، وليعلم الطالب أن أنبياء الله ورسله كثيراً ما عاشوا فقراء أهل حاجة وخصاصة، وكذلك الصالحون، وبعض قليل كانوا أهل غناء وثروة، وقليل ما هم.

  فإذا كنت أيها الطالب تعاني من قسوة الفقر وشدته فاعلم أنها سنة الله في الصالحين من الأنبياء والمرسلين وغيرهم من المؤمنين، ولن تجد لسنة الله تبديلاً.