الفائدة الثالثة والعشرون: في روح العبادة
  وقد جمعت هذه الكتب كل ما يتعلق بالطهارة والصلاة، غير أنه بقي شيء لم يُذكر في هذه الكتب، وهذا هو ما أريد أن أنبه عليه في هذه الفائدة فأقول:
  ينبغي بالإضافة إلى ما في تلك الكتب أن يعتني المرشد بتعليم المصلين معاني الصلاة، فيفسر لهم ألفاظ التوجه، ويحثهم على استحضار ذلك التفسير وتلك المعاني التي اشتمل عليها التوجه، وكذلك ألفاظ الفاتحة والسورة، وألفاظ التسبيح والتكبير والتسميع، وألفاظ التشهد، ويفسر لهم الحكمة في الركوع والسجود والقيام، ويعلمهم أن الصلاة لا تكون صلاة كاملة إلا بذلك، ويخبرهم أن ذلك هو كالروح للصلاة، وأن الصلاة بدون ذلك كجسد بلا روح.
  فإذا لم يكن المرشد يعرف تفسير ذلك كاملاً فعليه بكتاب كنز الرشاد، فتفسير ذلك في أوله، وهذا هو الخشوع الذي مدح الله صاحبه في سورة المؤمنون، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢}[المؤمنون]، فلا ينبغي أن يقتصر المرشد على ما في الأزهار، فإن الصلاة التي اشتملت على ما ذكرنا من استكمال الطهارة واستكمال شروطها وأركانها وفروضها ومسنوناتها، واستحضر المصلي فيها معانيها، فإنها إن شاء الله صلاة مقبولة، تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، وسينال صاحبها ما وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في كتابه الكريم.