الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الفائدة السادسة والعشرون: في العجب

صفحة 66 - الجزء 1

  أو نحو ذلك مما يدل على إعجاب المرء بنفسه والرضى عنها، وهذا الذي ذكرنا هو بعض أمثلة للعجب وليس بتحديد، قد يحصل مثل هذا عند الطلبة وعند المعلمين والمرشدين وعند غيرهم، وقد لا يخلو منه مسلم.

  ومن مظان وقوع ذلك أن يكون الطالب أو المرشد في بلد فينظر فلا يقع بصره إلا على من هو أقل منه في التقوى بمراحل، أو على مفرط في فرائض الإسلام، أو مضيع لها، أو على غافل شديد الغفلة عن ذكر الله وطلب العلم، فيرى لنفسه منزلة ومكانة بسبب ذلك.

  والذي ينبغي أن يكون عليه المؤمن عند مثل هذه الحالة أن يتهم نفسه بالتقصير في طاعة الله، ومن هنا يقول الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}⁣[النجم: ٣٢]، ويروى عن أمير المؤمنين علي #: (إن المؤمن لا يمسي ولا يصبح إلا ونفسه عنده ظنون) أو كما قال، وظنون بمعنى مُتَّهَمَة، والمعنى: أن المؤمن لا يرضى عن نفسه أبداً، بل لا يزال المؤمن دائماً متهماً نفسه بالتفريط في حق الله، والتقصير في ذكره، فهو دائماً يلوم نفسه ويذمها على تفريطها وتقصيرها.

  والسبب الذي يؤدي إلى الرضى عن النفس هو الجهل، ولذا قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}⁣[فاطر: ٢٨]، والمقصود بالعلم هنا هو استحكام المعرفة بالله تعالى، وصدق وعده ووعيده، فإذا ملأَتْ عظمةُ الله قلب الإنسان فإنه لا يستكثر عمله، ولا يعجب به.