الفائدة الثامنة والعشرون: في التحمل والصبر
  وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}[الأحزاب: ٢١]، وسيرة رسول الله ÷ معلومة ومشهورة، فما كان ÷ يقابل الأذى إلا بالإحسان، والقصص في ذلك معروف ومشهور، بل كان ذلك خلقه ÷ حتى مع المشركين الذين يبالغون في أذاه فقد روي أنه قال في أحد المواقف: «اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون»، وقد روي عن أنس ما معناه: خدمت رسول الله ÷ عشر سنين فما قال لشيء صنعته: لِمَ صنعته؟ ولا لشيء لَمْ أصنعْه: اصنعه، وما قهرني ولا نهرني - أو كما قال -.
  وقال تعالى لنبيه ÷: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩]، وقال ÷ فيما روي عنه: «سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر»، والمحفوظ من سيرته ÷ أنه ما انتقم لنفسه قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها، ولما قال له أعرابي جلف وهو يقسم الغنائم: اعدل فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، لم يزد في جوابه أن بين له ما جهله، فقال ÷: «ويحك فمن يعدل إن لم أعدل، خبتُ وخسرتُ إن لم أعدل».
  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه»، «إن الله رفيق يحب الرفق كله»، «من يحرم الرفق يحرم الخير كله».
  وروي أن أول خطبة خطبها ÷ يوم دخل المدينة: «أيها