الفائدة الثامنة والعشرون: في التحمل والصبر
  الناس أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وألينوا الكلام، وصِلوا الأرحام، وصَلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا جنة ربكم بسلام».
  وفي وصية أمير المؤمنين لابنه الحسن @ وكان هو الناصح الشفيق: (يا بني اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك ... إلى أن قال: ولا تقل ما لا تحب أن يقال لك).
  فتهجين الناس، وهتك أستارهم، وتقبيح أفعالهم، وذمهم بسوء الأدب خلق ذميم، ونزغة من نزغات الشيطان الرجيم، ولا يعد ذلك من النصيحة، وليس بطريق للتعليم والتربية، فخير الهدي هدي محمد ÷، بل إن ذلك من أخلاق أهل الجاهلية التي حاربها الإسلام أشد المحاربة، قال شاعرهم:
  ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
  أين هذه الأخلاق الجاهلية من أخلاق الرسول ÷ التي أدَّبَه ربُّه بها في قوله تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الحجر: ٨٨]، {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩] فزيادةً على لين جانب النبي ÷ وخفض جناحه أمره الله تعالى بالعفو عن المسيء، والاستغفار لهم، ثم مشاورتهم لتطيب أنفسهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ٧٠ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[الأحزاب]، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}[الأحزاب: ٢١].