الفائدة الثامنة والعشرون: في التحمل والصبر
  فالعاقل قبل أن يتكلم بالكلمة ينظر فيها، ويزن غيره بنفسه، وهل يحب أن تقال له تلك الكلمة، فإن رضيها لنفسه خاطب بها غيره، وإلا فلا، وفي المثل الشعبي: (عس جلدك وجلد غيرك سواء).
  وليس العلمُ والإرشادُ والمكانةُ في قلوب الناس، والاحترامُ والتقديرُ لأهلِ العلمِ والإرشادِ - ليس ذلك بمبرر للتشنيع بالناس وتقبيح آدابهم والتشهير بهم وهتك أستارهم، فالقبيح قبيح ممن كان.
  نعم، التواضع والرفق واللين وحسن الحديث من أحسن الأخلاق وأرفعها، غير أنه من أهل الرئاسة والشرف والعلم أحسن وأرفع.
  والبذاءة في الكلام وسوء الأدب قبيح، غير أنه من أهل الرئاسة والشرف والعلم أقبح وأقبح، ويزداد قبحه ويفحش إذا صدر عن أهل الدعوة إلى الله والإرشاد في سبيل الله، فإن كان ذلك الأدب السيئ وتلك البذاءة مستعملاً في الدعوة كان ذلك أبعد، وقد ضرب الله تعالى المثل للكلمة الطيبة وللكلمة الخبيثة في سورة إبراهيم فلا نطول بذلك.
  فحسن الأدب في الحديث له منزلة كبيرة في الإسلام، تكرر الحث عليه في القرآن وفي السنة، والأولى بأخذ هذا الأدب العالي أهلُ العلم وطلبةُ العلم والمرشدون والدعاة إلى الله تعالى وإلى دينه.
  ونقول: إن سوء الأدب والفحش في الكلام والبذاءة لا خير في ذلك البتة؛ لأن ذلك يؤدي إلى مفاسد:
  ١ - النفرة عن المرشد إذا كان شديد الجانب يحاسب على النقير والقطمير.