الفائدة الثامنة والعشرون: في التحمل والصبر
  ٢ - المخالفة لتأديب الله تعالى، والمخالفة لأدب النبي ÷.
  ٣ - مقت الناس وذمهم لمن كان كذلك.
  ولا أدري ما هي المكاسب التي يتطلبها المرشد بالبذاءة والاسترسال في الأعراض؟ والتهجين لهم؟ ربما أنه يقصد من وراء ذلك أن يوصف بالشدة والقوة والمهابة عند محبيه وشيعته وغيرهم.
  ولكن ذلك خلاف ما وصف الله به المتقين في قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ... الآية}[الفتح: ٢٩]، وفي قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ... الآية}[المائدة: ٥٤].
  وإذا كان هذا يطلب من وراء ذلك السيادة والشرف فهذا ليس من مظانها، فقد قيل: ما ساد إلا حليم، فالحلم والصفح والعفو من مقومات السيادة والشرف التي لا تحصل إلا به، وهي الصفة التي لفَّ الناسَ بها النبيُّ ÷، كما جاء في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩].
  فلولا هذا الخلق العظيم لنفر الناس عن النبي ÷، وانفضوا من حوله، وقال أحد الشعراء وهو العباس بن الأحنف:
  تحمل عظيم الذنب ممن تحبه ... وإن كنت مظلوماً فقل أنا ظالم
  فإنك إن لم تغفر الذنب في الهوى ... يفارقك من تهوى وأنفك راغم