الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الفائدة الثانية والثلاثون: في الأسلوب الأمثل

صفحة 81 - الجزء 1

  إن فساد القلب داءٌ خبيث يفسد الأعمال الصالحة، ويطمس بهجتها، فلا يكون فيها فائدة ولا عصمة.

  إن الحقد إذا حلَّ في القلب دفع بصاحبه إلى التخيل وافتراض الأكاذيب واتهام الناس بما هم منه بريئون، وتكبر له نفسه الشيء الصغير وتضخمه، ثم القسوة والعناد، فيقطع ما أمر الله به أن يوصل، ويفسد في الأرض، ومن ثم فلا يستريح صاحب الحقد إلا إذا وجد له متنفساً يرغي فيه ويزبد، ويؤذي ويفسد.

  وقد أدرك الناس حتى في جاهليتهم أنه لا يحمل الحقد إلا أهل الدناءة، أما أهل المروآت فإنهم يتنزهون عنه، قال عنترة:

  لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ... ولا ينال العلا من طبعه الغضب

  والحقد هو بذرة الفساد التي تثمر الحسد والبغضاء والمشاحنة والنميمة والغيبة، والافتراء على الناس، وظنَّ السوء، وقطعَ ما أمر الله به أن يوصل، والفساد في الأرض بغير الحق، والبغي والإثم، ويحمل صاحبه على رد الحق وشكاسة الخلق، ومن ثم فلا يقيل عثرة عاثر، ولا يقبل معذرة معتذر، ولا يغفر ذنب مذنب، وعند ذلك تنتزع من قلبه الرحمة، وتحل محلها القسوة، وتستولي عليه الغفلة، فتراه يتمنى الخسارة لكل أحد، لا لشيء إلا لأنه هو لم يربح، فلا تزال مراجل الحقد تغلي في صدره؛ لأنه وجد متاع الدنيا الذي يتمناه في يد غيره من دونه، وهذه عنده هي الطامة.