الفائدة الثالثة والثلاثون: وهي فائدة جامعة، وهي في سلامة الصدر من الفساد
  وقديماً لما رأى إبليس أن آدم # قد حاز كرامة الله حقد عليه، وعلى ذريته، فقال مقسماً: {فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ١٦ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين ١٧}[الأعراف].
  وذلك لأن الحاقد لما فاته الخير تحوَّل يكيد للحاصلين عليه، كما قال الشاعر:
  حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالكل أعداء له وخصوم
  وكان الأجدر بهذا الحاقد أن يتحول إلى ربه يسأله من فضله، كما قال تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}[النساء: ٣٢]، فلربما أدرك بعدُ ما عجز عنه من قبل، فإن فضل الله واسع، وقد أمر بسؤاله.
  ونعوذ بالله من الحقد فإنه إذا استشرى في القلب صعب علاجه وتعسر إطفاء حرارته، وفي المثل: (آخر الدواء الكي) فلن يطفئ لهيبه إلا حميم جهنم وغسلينها، ثم الكي بجمرها، عند ذلك سيفيق الحاقد ويتندم على ما فات ولكن حين لا ينفع الندم.
  * * * * *