الفائدة الحادية عشرة: في شدة التكليف على النفس
الفائدة الحادية عشرة: في شدة التكليف على النفس
  ليعلم المعلم والمرشد والطالب وكل مؤمن أن الله تعالى قد بنى التكليف على ما تكرهه النفس، وعلى ما تنفر منه النفس، فالطاعات كلها مكروهة عند النفس، والمعاصي كلها محبوبة عند النفس، ولذا قال النبي ÷: «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات».
  غير أن التكاليف قد تتفاوت في الكراهة عند النفس، فبعضها أشق على النفس من بعض، والمعاصي قد تتفاوت محبة النفس لها، وهذا أمر معلوم عند كل مكلف، وبناءً على هذا فإن المكلف يحتاج إلى جهد جهيد، ونية صادقة، وعزم قوي لكي يتمكن من امتثال أوامر الإسلام، ويمنع نفسه من معاصي الرحمن، وصدق الله العظيم حين قال حكاية عن يوسف في أحد تفسيرين: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوِّ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}[يوسف: ٥٣].
  فالنفس إذاً تحتاج إلى مجاهدة دائمة، وصبر متواصل؛ لتقبل أحكام الله تعالى، وتحتاج مع ذلك إلى التخويف لها بعذاب الله ونكاله، وإلى الترغيب لها فيما أعد الله للمتقين في جنات النعيم، وإلى استماع المواعظ والذكر ومجالسة الصالحين.
  ولا بد من تكرير ذلك على النفس، ثم الاستعانة بالله تعالى، وكثرة الدعاء والاستغفار، مع صدق النية وصلاح الطوية، فلن يخيب المرء، وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت: ٦٩]، وجهاد النفس هو الجهاد الأكبر كما ورد في الأثر.