الفائدة التاسعة والعشرون: العلم للناس جميعا
  وقال الآخر، وهو أبو سليمان الخطابي:
  ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... وأبق فلم يستوف قط كريم
  فسامح ولا تستوف حقك كله ... كِلَا طَرَفَيْ قصد الأمور ذميم
  ولا يغتر المرشد من تحمل الناس له وسكوتهم، فما ذاك إلا أنهم أكثر منه تكرماً، وأفضل أدباً، وأوسع حلماً.
  والمفروض أن يكون الأمر على العكس من ذلك فالله المستعان، ومنه تعالى نستمد الإعانة والتوفيق والتسديد، إنه ولي ذلك.
الفائدة التاسعة والعشرون: العلم للناس جميعاً
  على المرشد أن يلقي في روع الناس وأهل البلد التي هو فيها أن العلم موضوع للناس جميعاً، للكبار والصغار، وللقارئ وغير القارئ.
  وأن العلم ليس بحاجة إلى القراءة والكتابة أو صغر السن، وأن الشيء الذي يحتاج إليه العلم هو شيئان اثنان: أحدهما العقل والثاني السمع.
  وأن التعلم فريضة واجبة على كل مسلم عاقل سامع، فالعقل لابد منه، وكذلك السمع؛ لأنه لا يمكن أن يعرف ما يقال إلا به، إذا توفر في الإنسان هذان الشيئان فطلب العلم واجب سواء كان صغيراً أم كبيراً، قارئاً أم غير قارئ، ذكراً أم أنثى.
  أما من كان أصم لا يفهم ما يقال، فلعل الله تعالى يعذره؛ لأن الله تعالى يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧]، فعلى المرشد أن يحث الناس جميعاً على العلم كلاً على مستواه، فأهل الذكاء والقراءة