طبيعة الحقد
طبيعة الحقد
  نعم، طبيعة الحقد الذي يجده الإنسان في نفسه هي أمر لا يستطيع الإنسان أن يتخلى عنها؛ لأنها فطرة وطبيعة طبعت عليها النفوس، فالنفس بطبعها تدعو إلى الإثم والبغي والفساد.
  والله سبحانه وتعالى حين دعا عباده إلى ترك الحقد أراد منهم أن لا يطيعوا أنفسهم فيما تدعوهم إليه، ولا يوافقوها فيما تهوى، وهذا مما هو داخل في قدرتهم وتحت وسعهم.
  إذاً فالإنسان مكلف بحبس لسانه ويده وجميع جوارحه عن كل ما تدعو إليه طبيعة الحقد، فبقدرته أن لا ينتقص أحداً، ولا يهتك عرض أحد، وبقدرته أن يتواضع لإخوانه، ويدعو لهم بخير الدنيا والآخرة، وبقدرته أن يسعى فيما ينفعهم، وبقدرته أن يذكر فضائلهم، وأن يصون أعراضهم، وأن يدافع عنهم، ولا يضره حينئذ ما في قلبه، وإنما يضره لو أطاع هوى نفسه، أما إذا خالف هوى نفسه فلا يضره، وتماماً كما قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ٤١}[النازعات].
  فالمؤمن الحق هو الذي رجحت عنده طاعة ربه على طاعة هوى نفسه، وهذا هو الحب الذي مدح الله المؤمنين به في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ}[البقرة: ١٦٥]، فالمحب لله تعالى يؤثر طاعة ربه على طاعة نفسه، ويقدم ما يحبه الله تعالى على ما تحبه نفسه.
  * * * * *