الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

جهاد النفس

صفحة 84 - الجزء 1

جهاد النفس

  وهكذا كل الطاعات، فإنها لا تحصل إلا بعصيان النفس ونهيها عن هواها، فكل واحد مما أمر الله تعالى به له من النفس ما يدعو إلى خلافه.

  فمثلاً التصديق بالله تعالى، وبرسله، وباليوم الآخر يزاحمه ويصارعه الشك الذي تقتضيه طبيعة النفس، وليس في وسع المكلف أن يبعد الشك عن نفسه، لكنه مكلف بأن لا يستجيب لداعي الشك، وبأن يضعفه ويكسر شوكته بالنظر والتفكر في آيات الله، والتدبر لكتاب الله، ومن هنا يقول الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}⁣[الإسراء: ٨٢] فالتدبر لكتاب الله تعالى يدحر الشك، ويكبحه ويضعفه، فالمكلف محتاج دائماً إلى مجاهدة نفسه وعصيانها ومصارعتها، وكبح جماحها في كل طاعة.

  والنجاح في السيطرة على النفس وكبح جماحها مرهونٌ بحصول الخشية من الله تعالى، والخوف من عقابه.

  هذا، ولولا المشقة العظيمة التي يعانيها المكلف في مصارعة نفسه، وردِّ هواها في كل ما كلف به لما استحق المنازل الرفيعة في الجنة، ولذا قال تعالى في الآية السابقة: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ٤١}⁣[النازعات].

  هذا، وقد قال تعالى فيمن أعرض عن داعي ربه، واستجاب لداعي هواه: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ... الآية}⁣[الجاثية: ٢٣] الله سبحانه وتعالى يدعو المكلف إلى طاعته، وداعي الهوى أيضاً يدعو