المنهج الأقوم في الرفع والضم،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[حكم الإنكار في المسائل النظرية الاجتهادية الخلافية]

صفحة 22 - الجزء 1

  فَالْقَائِلُ بِالوُجُوبِ⁣(⁣١) مَحْجُوجٌ بِمَا سَبَقَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا خَبَرُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ⁣(⁣٢) لَكَفَى فِي بِيَانِ هَذهِ الْهَيئَةِ، الَّتِي لَمْ يَرِدْ فِيْهَا خَبَرٌ وَاحِدٌ صَحِيْحٌ يُفِيْدُ الوُجُوبَ، وَإِنَّمَا رُوِيَ مُجَرَّدُ الفِعْلِ، وَهْوَ مُحْتَمَلٌ.

  وَأَمَّا قَوْلُهُ ÷: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»⁣(⁣٣)، فَهْوَ يُفِيدُ التَّأَسِّيَ بِهِ ÷، وَهْوَ إِيْقَاعُ الفِعْلِ بِصُورَةِ فِعْلِهِ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي أَوْقَعَهُ عَلَيْهِ، مِنْ وُجُوبٍ، أَوْ نَدْبٍ.

  وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الوُجُوبِ، فَقَدْ صَرَفَهُ خَبَرُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَالإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الوُجُوبِ، وَخَبَرُ النَّهيِ الَّذِي نُورِدُهُ فِيْمَا بَعْدُ⁣(⁣٤)، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ فِيْهِ.

  وَأمَّا قَولُ الْمُنَاقِشِ: وَذَلِكَ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَامَّةِ أَهْلِ البَيْتِ، مَا عَدَا الإِمَامَ الأَعْظَمَ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ يَحْيَى بْنَ الْحُسَيْنِ #.


(١) أي وجوب الضَّمِّ.

(٢) خبر المسيء صلاته، روى البخاري (١/ ٣٠٢)، واللفظ له، ومسلمٌ (١/ ٢٤٩)، عن أبي هريرة: أَنَّ رسولَ اللهِ ÷ دَخَل الْمَسْجَدَ، فَدَخَلَ رَجَلٌ فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النبيِّ ÷ فَرَدَّ، وَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ÷، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، ثَلَاثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْني؟ فَقَالَ: «إذَا قُمْتَ إِلى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القرآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ راكعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قائمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلكَ فِي صَلاتِكَ كلِّهَا»، وفي بعض ألفاظها للبخاري (٨/ ٢٤٣): «إذَا قُمْتَ إِلى الصَّلاةِ، فَأَسْبِغِ الوُضوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ، فَكَبِّرْ، وَاقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القرآنِ ...».

(٣) رواه الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني @ في (شرح التَّجريد) (١/ ٣٦٧)، والإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان @ في (أصول الأحكام) (١/ ١٩٥)، والسيد الإمام الحسين بن محمد بدر الدين @ في (الشفاء) (١/ ٢٧٠)، والإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة @ في (الانتصار) (٣/ ١٩١)، والإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى $ في (البحر الزخار) (٢/ ٢٣٨)، وغيرهم كثير، ورواه البخاريُّ (١/ ٢٥٨)، وابن حِبَّان (٣/ ٨٥) (باب الأذان)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (٢/ ٣٤٥) (كتاب الصلاة)، والدارقطني في (السُّنَن) (١/ ٢٧٩)، وغيرهم.

(٤) من رواية الإمام المرتضى محمد بن الإمام الهادي $، ورواية الحافظ محمد بن منصور المرادي ¥.