الباب الثاني: في المسند إليه
  نفي التكذيب من: «لا تكذب»؛ لما في الأول من تكرير(١) الإسناد المفقود في الثاني، ومن: «لا تكذب أنت» وإن كان فيه تأكيدها بلفظ «أنت»؛ لأنه(٢) لتأكيد المحكوم عليه بأنه(٣) ضمير المخاطب تحقيقًا، لا لتأكيد الحكم؛ لعدم تكرار الإسناد(٤).
  وهذا المذكور من التخصيص والتقوي إذا بني(٥) الفعل على معرَّف، فإن بني على منكَّر فإنه يفيد تخصيص الجنس أو الواحد به(٦)، نحو: «رجل جاءني لا امرأة» إن أريد الأول، أو «لا أكثر» إن أريد الثاني(٧). ومن أراد زيادة على ذلك فعليه بالأصل وشرحه.
  ومنها: عموم السلب، وهو مراده بالتعميم، وذلك إذا كان لفظ «كل» مضافًا إلى المسند إليه واقترن بالمسند حرف السلب، نحو: «كل إنسان لم يقم»، أي: لم يقع قيام من فرد من أفراده، فهو من عموم السلب. ومنه الحديث(٨): «كل ذلك لم يكن» أي: لم يقع قصر ولا نسيان، كما في الحديث الآخر: «لم أنسَ ولم تقصر».
(١) وهو يوجب تكرير نفي الكذب. مخلوف.
(٢) قوله: «لأنه» أي: لأن لفظ «أنت» أو لأن لفظ «لا تكذب». سعد.
(٣) قوله: «بأنه» متعلق بـ «تأكيد»، وضمير «أنه» للمحكوم عليه. دسوقي.
(٤) قوله: «لعدم تكرار الإسناد» أي: الموجب لتأكيد الحكم. وتأكيد الحكم أولى من تأكيد المحكوم عليه. دسوقي.
(٥) أي: أخبر به عن معرَّف.
(٦) أي: الفعل. والمقصود بالواحد هنا: العدد المعين؛ ليدخل المثنى والجمع، فيكون من باب إطلاق الخاص وإرادة العام.
(٧) لأن أصل النكرة أن تكون لواحد من الجنس، فيقع القصد بها تارة إلى الجنس فحسب، كما إذا كان المخاطب بهذا الكلام قد عرف أنه قد أتاك آتٍ ولم يدرِ جنسه أرجلٌ أم امرأة، وتارة إلى الواحد فقط، كما إذا قد عرف أنه قد أتاك مَن هو من جنس الرجال ولم يدرِ أرجل هو أم رجلان، أو اعتقد أنه رجلان. علوم البلاغة للمراغي.
(٨) قاله ÷ عندما سلم عن ركعتين في صلاته فقال له ذو اليدين: أقصرت أم نسيت فقال ÷: «كل ذلك لم يكن». رواه أبو داوود (١٠١٥) والحاكم في المستدرك ٣/ ٦٢٦ وأخرجه البخاري في كتاب الصلاة وفي كتاب الأذان.