[صور الخروج عن مقتضى ظاهر الحال]
  وأما إذا تقدم حرف السلب على «كل» فإنها لسلب العموم، نحو [البسيط]:
  مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ ... تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لا تَشْتَهِي السُّفُنُ(١)
  وسلب العموم مقتضٍ لثبوت الحكم للبعض. ومن أراد زيادة في هذا المقام فعليه بالأصل وشرحه.
  قال:
فصل: في الخروج عن مقتضى الظاهر
  وخرجوا عن مُقتضى الظَّواهرِ ... كَوَضْعِ مُضْمَرٍ مَكانَ الظاهِرِ
  لِنُكْتَةٍ كَبَعْثٍ اوْ كَمالِ ... تَمْييزٍ اوْ سُخْرِيَةٍ إِجْهالِ
  أَوْ عَكْسٍ اوْ دَعوى الظُّهورِ وَالمَدَدْ ... لِنُكْتَةِ التّمكينِ كَـ «اللهُ الصَّمَدْ»
  وقصدِ الاستعطافِ والإرهابِ ... نحوُ: «الأَميرُ واقِفٌ بالبابِ»
  أقول: جميع ما تقدم من المقامات المذكورة من الحذف والذكر وغير ذلك مقتضى ظاهر الحال. وذكر في هذا الفصل الخروج عن مقتضى ظاهر الحال إلى مقتضى الحال، وهو المشار إليه بنكتة، ومن المعلوم أن مقتضى ظاهر الحال أخصُّ من مقتضاه.
[صور الخروج عن مقتضى ظاهر الحال]
  وصور الخروج عن مقتضى ظاهر الحال كثيرة، ذكر المصنف بعضها:
  فمنها: وضع المضمر موضع المظهر، نحو: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ(٢)}[الرحمن ٢٦]، يعني: الأرض، ومنه: «هو زيد عالم»؛ لبعث(٣) الإضمار على توجه نفس السامع إلى الخبر.
(١) البيت لأبي الطيب المتنبي انظر التبيان ٢/ ٤٧٨. والمعنى في البيت أن الإنسان لا يدرك كل أمانيه وإنما يدرك بعضها ويفوته بعض.
(٢) قوله: كل ... الخ المناسب الاقتصار على ما بعده؛ لأنه ليس من هذا الباب، مع عدم تأتي النكتة المذكورة فيه كما سيتضح. مخلوف.
(٣) قوله: «لبعث» اللام للأجل، ومفعول المصدر محذوف وهو السامع، وفي الكلام حذف، أي: أن الوضع المذكور ليكون الإضمار باعثا - أي: حاملا - للسامع على توجه نفسه إلى ما يعقب =