[صور الخروج عن مقتضى ظاهر الحال]
  ومنها: وضع المظهر موضع المضمر، فإن كان المظهر اسم إشارة فالنكتة كمال العناية بتمييز المسند إليه؛ لاختصاصه بحكم بديع، كقول ابن الراوندي [البسيط]:
  كم عاقلٍ عاقلٍ أعْيَتْ مذاهبُه ... وجاهلٍ جاهلٍ تَلقَاهُ مرزوقا
  هذا الذي ترك الأوهامَ حائرةً ... وصَيَّرَ العَالِمَ النِّحْرِيْرَ زِنْدِيقَا
  والأصل(١): «هو»، أي: ما تقدم من إعياء مذاهب العاقل ورزق الجاهل، فعدل إلى الإشارة لكمال العناية بتمييزه؛ ليري السامعين أن هذا المعنى(٢) المتميز هو الذي له الحكم العجيب، وهو(٣): جعل الأوهام حائرة، والعالم النحرير زنديقا.
  أو السخريةُ(٤) والتهكمُ، كما إذا كان السامع أعمى فقال: «مَنْ قام؟»، فقلت له: «هذا(٥)» مشيرًا إلى مجهول أو مفقود؛ تهكمًا به.
  أو إجهال السامع، أي: نسبته إلى الجهل والبلادة، حتى إنه لا يدرك إلا المحسوس، كقول الفرزدق [الطويل]:
  أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع
  ومقتضى الظاهر: «هم».
  أو عكس ذلك، وهو التعريض بفطانة السامع وذكائه، حتى إن غير المحسوس عنده بمنزلة المحسوس، كقولك مشيرًا إلى معنى معقول: «هذا مرادي».
  أو ادعاء كمال ظهور المسند إليه حتى كأنه محسوس، كالمثال المتقدم باعتبار ادعاء كمال الظهور(٦).
= الضمير فيتمكن في ذهنه. وإنما كان باعثا على ما ذكر لأن السامع إذا لم يفهم من الضمير معنى انتظر ما يعقبه ليفهم منه معنى؛ فيتمكن عند وروده.
(١) أي: القياس ما ذكر؛ لتقدم ذكره مع كونه غير محسوس. مخلوف.
(٢) هو كون العالم محروما والجاهل مرزوقا. دسوقي.
(٣) أي: الحكم العجيب.
(٤) قوله: «والسخرية» بالرفع عطف على «كمال العناية». وقوله: «والتهكم» عطف مرادف. مخلوف.
(٥) أي: هذا هو الذي قام، وكان القياس: «هو زيد» مثلا؛ لأن المقام مقام الضمير؛ لتقدم مفاده في السؤال. يعقوبي.
(٦) فليس معتبرا حينئذ كون السامع فطنًا. مخلوف.