الباب السادس: في الإنشاء
  فقوله: (وبالذي يليه): متعلق بـ (حري)، أي: معنى الهمزة - وهو الاستفهام - حقيق بما يليه الهمز، وهو غيرها من الأدوات(١).
  وقوله: (بعكس ما غبر) أي: بقي، معناه: أن ما بقي من الأدوات لطلب التصور فقط، عكس «هل» التي هي لطلب التصديق فقط.
  ثم إن لفظ الاستفهام قد يستعمل(٢):
  في الأمر: نحو، قوله تعالى: {أَأَسْلَمْتُمْ}[آل عمران ٢٠]، أي: أسلِموا، وكذا تقول لمن تأمره بشيء: «هل امتثلت؟»، أي: امتثل. فقوله: (ربما عبر) أي: تجاوز معناه الأصلي إلى الأمر وما عُطِفَ عليه.
  وفي الاستبطاء، نحو: «كم دعوتك(٣)».
  وفي التقرير(٤)، أي: حمل المخاطَب على الإقرار بما استقر عنده ثبوته أو نفيه، نحو: {أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا}[الأنبياء ٦٢].
  وفي التعجب(٥)، نحو: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ}[النمل ٢٠].
  وفي التهكم(٦)، نحو: {أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ}[هود ٨٧].
(١) قيل: هذا التفسير للمتن ضعيف لأنه قد تقدم أن غيرها من الأدوات للاستفهام في قوله: والاستفهام هل ... إلخ، والظاهر أن المراد أن معنى الهمزة وهو الاستفهام حقيق بما يلي الهمز وهو الفعل أو الفاعل أو المفعول فيكون قول الشارح: فقوله: وبالذي يليه ... إلخ متفرع على قوله: والمطلوب بها ما يليها، ولكن تكون عبارة: وهو غيرها من الأدوات هكذا: كغيرها من الأدوات كما هي كذلك في بعض النسخ، وهذا التفسير هو الموافق للتلخيص وشروحه.
(٢) أي: مجازا. وبيانه في الأمر أنه استعمل اللفظ الموضوع للاستفهام في الطلب المطلق، ثم نقل للطلب على وجه الأمر؛ فيكون مجازا مرسلا بمرتبتين، ولك أن تعتبر أن الأمر فرد من أفراد الطلب فيكون بمرتبة.
(٣) وبيان المجاز فيه: أن الاستفهام مسبب عن الجهل، وهو عن كثرة الدعوة - إذ يبعد جهل القليل - وهي عن الاستبطاء، فأطلق المسبب وأراد السبب ولو بوسائط. صبان. مخلوف.
(٤) أي: لأن الاستفهام يلزمه الحمل على الإقرار بالمستفهم عنه المعلوم للمخاطب، أو يقال: الاستفهام طلب الإقرار بالمستفهم عنه مع سبق الجهل من المتكلم، فاستعمل في مطلق الطلب، ثم في الطلب مع العلم وهو نفس التقرير. صبان.
(٥) إذ الاستفهام يستلزم الجهل؛ وهو يستلزم التعجب، فاستعمال لفظ الاستفهام في التعجب مجاز مرسل من استعمال اسم الملزوم في اللازم. دسوقي معنى.
(٦) أي: وذلك أن الاستفهام عن الشيء يقتضي الجهل به، والجهل به يقتضي الجهل بفائدته، والجهل =