الباب الثامن: الإيجاز والإطناب والمساواة
  وألفَى قَوْلَها كَذِبًا وَمَيْنا(١)
  فإن الكذب والمين واحد، والزائد أحدهما غير معين.
  والحشو: وهو زيادة متعينة لا لفائدة، كقوله [الطويل]:
  وأعلمُ عِلمَ اليومِ والأمسِ قَبْلَهُ(٢)
  فـ «قبله» حشو.
  ويكون الإطناب بأمور:
  منها: الإيضاح بعد اللبس، أي: البيان بعد الإبهام(٣)؛ لأن ذلك(٤) أوقع في النفس؛ لرؤية المعنى(٥) في صورتين: أولاهما: مبهمة، والأخرى: موضحة، فتتشوق النفس إليه مبهمًا، ويتمكن منها موضحًا، فقوله: (لشوق) الخ: علة للإيضاح بعد اللبس.
  ومنها: الإيغال، وهو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتم الكلام بدونها، نحو: {... اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ٢٠ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ ٢١}[يس]، ومعلوم أن الرسول مهتد، لكن فيه زيادة حث للإتباع وترغيب في الرسل.
  ومنها: التذييل، وهو تعقيب جملة بجملة تحتوي على معناها للتأكيد. فبينه وبين الإيغال عموم من جهة(٦). نحو: {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ
(١) صدره:
وقَدَّدَتِ الأديمَ لِرَاهِشَيْه
والبيت في لسان العرب مادة «مين» وقوله: راهشيه: مثنى راهش، وهما عرقان في باطن الذراع.
(٢) عجزه:
ولكنني عن علمِ ما في غدٍ عَم
والبيت لزهير بن أبي سلمى، انظر ديوانه ص ٢٩ وشرح المعلقات السبع ص ٦٩. وقوله: عمِ: أي: أعمى.
(٣) مثاله قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ}[الحجر ٦٦] فإن قوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} إيضاح للإبهام الذي تضمنه لفظ {الأَمْرَ}.
(٤) قوله: «لأن ذلك» أي: البيان بعد الإبهام، تعليل لمحذوف، أي: وإنما ارتكب الإيضاح المذكور لأن ... الخ.
(٥) قوله: «لرؤية ... إلخ» علة للأوقعية. مخلوف.
(٦) فيجتمعان فيما هو بجملة للتأكيد في ختم الكلام، وينفرد الإيغال فيما هو بالمفرد وفيما هو لغير التوكيد: سواء كان بجملة أو بمفرد، وينفرد التذييل فيما هو في غير ختم الكلام. صبان. مخلوف.