حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثامن: الإيجاز والإطناب والمساواة

صفحة 149 - الجزء 1

  وألفَى قَوْلَها كَذِبًا وَمَيْنا⁣(⁣١)

  فإن الكذب والمين واحد، والزائد أحدهما غير معين.

  والحشو: وهو زيادة متعينة لا لفائدة، كقوله [الطويل]:

  وأعلمُ عِلمَ اليومِ والأمسِ قَبْلَهُ⁣(⁣٢)

  فـ «قبله» حشو.

  ويكون الإطناب بأمور:

  منها: الإيضاح بعد اللبس، أي: البيان بعد الإبهام⁣(⁣٣)؛ لأن ذلك⁣(⁣٤) أوقع في النفس؛ لرؤية المعنى⁣(⁣٥) في صورتين: أولاهما: مبهمة، والأخرى: موضحة، فتتشوق النفس إليه مبهمًا، ويتمكن منها موضحًا، فقوله: (لشوق) الخ: علة للإيضاح بعد اللبس.

  ومنها: الإيغال، وهو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتم الكلام بدونها، نحو: {... اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ٢٠ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ ٢١}⁣[يس]، ومعلوم أن الرسول مهتد، لكن فيه زيادة حث للإتباع وترغيب في الرسل.

  ومنها: التذييل، وهو تعقيب جملة بجملة تحتوي على معناها للتأكيد. فبينه وبين الإيغال عموم من جهة⁣(⁣٦). نحو: {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ


(١) صدره:

وقَدَّدَتِ الأديمَ لِرَاهِشَيْه

والبيت في لسان العرب مادة «مين» وقوله: راهشيه: مثنى راهش، وهما عرقان في باطن الذراع.

(٢) عجزه:

ولكنني عن علمِ ما في غدٍ عَم

والبيت لزهير بن أبي سلمى، انظر ديوانه ص ٢٩ وشرح المعلقات السبع ص ٦٩. وقوله: عمِ: أي: أعمى.

(٣) مثاله قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ}⁣[الحجر ٦٦] فإن قوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} إيضاح للإبهام الذي تضمنه لفظ {الأَمْرَ}.

(٤) قوله: «لأن ذلك» أي: البيان بعد الإبهام، تعليل لمحذوف، أي: وإنما ارتكب الإيضاح المذكور لأن ... الخ.

(٥) قوله: «لرؤية ... إلخ» علة للأوقعية. مخلوف.

(٦) فيجتمعان فيما هو بجملة للتأكيد في ختم الكلام، وينفرد الإيغال فيما هو بالمفرد وفيما هو لغير التوكيد: سواء كان بجملة أو بمفرد، وينفرد التذييل فيما هو في غير ختم الكلام. صبان. مخلوف.