حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل: في الدلالة الوضعية

صفحة 156 - الجزء 1

  أقول: طرفا التشبيه: إما حِسِّيان⁣(⁣١) كالخد والورد، أو عقليان كالعلم والحياة⁣(⁣٢)، أو مختلفان: بأن يكون المشبَّه حسيًّا والمشبَّه به عقليًّا كالسبع⁣(⁣٣) والموت، أو عكسه⁣(⁣٤) كالموت والسبع.

  والمراد بالحسي: المدرك هو أو مادته⁣(⁣٥) بإحدى الحواس الخمس الظاهرة. فدخل الخيالي، وهو المعدوم الذي فرض مجتمعا من أمور كل واحد منها مما يدرك بالحس، كقوله [مجزوء الكامل]:

  وكأنَّ مُحمَرَّ الشقيـ ... ـق إذا تَصوَّبَ أو تَصعَّدْ

  أعلامُ ياقوتٍ نُشِرْ ... نَ على رماحٍ مِن زَبَرْجَدْ⁣(⁣٦)

  فإن كلا من الأعلام والياقوت والزبرجد والرمح محسوس، لكن المركب⁣(⁣٧) الذي هذه الأمور مادته ليس بمحسوس؛ لأنه غير موجود، والحس لا يدرك إلا ما هو موجود.


(١) قال الإمام يحيى بن حمزة # في الطراز: الاشتراك في الأوصاف الحسية هي بالإضافة إلى الحواس التي هي طريق الإدراك - خمسة: الأول: الاشتراك في الصفة المبصرة، نحو قوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ٥٨}⁣[الرحمن]، فالجامع الحمرة، ونحو: تشبيه الخدِّ بالورد. الثاني: الاشتراك في الكيفية المسموعة، نحو: تشبيه الأسلحة في وقعها بالصواعق. والثالث: الاشتراك في الكيفية المذوقة، نحو: تشبيه الفواكه الحلوة بالعسل. والرابع: الاشتراك في الكيفية المشمومة، نحو: تشبيه شَمِّ الريحان بالمسك. والخامس: الاشتراك في الكيفية الملموسة، نحو: تشبيه الجسم - أي: الجلد - الناعم بالحرير. باختصار من الطراز ١/ ١٣٩.

(٢) ووجه الشبه بينهما كونهما جهتي إدراك، كذا في المفتاح والإيضاح، فالمراد بالعلم هاهنا: الملكة التي يقتدر بها على الإدراكات الجزئية لا نفس الإدراك، ولا يخفى أنها [أي: الملكة] جهة وطريق إلى الإدراك كالحياة. سعد.

(٣) فالسبع حسي والموت عقلي، والجامع في هذا المثال الإهلاك.

(٤) أي: بأن يكون المشبه عقليا والمشبه به حسيا، كتشبيه الموت بالسبع، والجامع سرعة اغتيال كل.

(٥) قوله: «أو مادته» أي: جميع أجزائه التي تركب منها وتحققت بها حقيقته التركيبية. دسوقي. وقوله: «فدخل» أي: في الحسي بسبب زيادة قوله: «أو مادته». سعد.

(٦) قائله الصنوبري، انظر أسرار البلاغة ص ١٥٩ والإيضاح ص ٢٠٧. والشقيق: نوع من الورد أحمر اللون. وتَصَوَّب: اتجه إلى الأسفل. وتصعد: اتجه إلى الأعلى. والزَّبَرْجَد: حجر كريم أخضر اللون. وأعلام: جمع علم وهو الراية.

(٧) أي: الأعلام الياقوتية المنشورة على الرماح الزبرجدية. فهذا كلام مركب من الأعلام والياقوت ... الخ.