حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل: في الدلالة الوضعية

صفحة 157 - الجزء 1

  والعقلي: ما عدا ذلك⁣(⁣١). فيشمل: الوهمي، وهو ما ليس مدركا⁣(⁣٢) بإحدى الحواس، ولكنه لو أدرك لكان بها مدركا، كقوله [الطويل]:

  أيقتُلُني وَالمَشْرَفيُّ مُضَاجِعِي ... وَمَسْنُونَةٌ زُرقٌ كأنيابِ أَغْوَالِ⁣(⁣٣)

  فأنياب الأغوال مما لا يدركه الحس؛ لعدم وجودها، ولو أدركت لم تدرك إلا بحس البصر.

  قال:

  والوجهُ مَا يشتركانِ فيهِ ... وَدَاخِلًا⁣(⁣٤) وَخَارِجًا تُلْفِيه

  وَخَارِجٌ وَصْفٌ حَقِيقيٌّ⁣(⁣٥) جَلا ... بِحِسٍّ اوْ عَقْلٍ وَنِسْبِيٍّ تَلا

  وَوَاحِدًا⁣(⁣٦) يَكُونُ أَوْ مُؤَلَّفَا ... أَوْ مُتَعَدِّداً وَكُلٌّ عُرِفَا

  بِحِسٍّ اَوْ عَقْلٍ، وَتَشْبِيهٌ نُمِي⁣(⁣٧) ... فِي الضِّدِّ لِلتَّمْلِيحِ وَالتَّهَكُّم

  أقول: وجه التشبيه: هو المعنى الذي قُصِدَ اشتراك الطرفين فيه، كالشجاعة في تشبيه الرجل الشجاع بالأسد. ويكون داخلا في حقيقة الطرفين وخارجا عنها.


(١) قوله: «ما عدا ذلك» أي: ما لا يكون هو ولا جميع مادته مدركا بإحدى الحواس الخمس الظاهرة. دسوقي.

(٢) أي: لا هو ولا مادته.

(٣) البيت لامرئ القيس في ديوانه ص ١٥٠.

(٤) والمراد بكونه داخلا ألا يكون خارجيا وهو ثلاثة أقسام لأنه إما أن يكون تمام ماهيتهما وهو النوع، أو جزءًا منها مشتركا بينهما وبين ماهية أخرى وهو الجنس، أو جزءا منها مميزا لها عن غيرها من الماهيات وهو الفصل. دسوقي معنى.

(٥) أي: والخارج صفة، أي: معنى قائم بالطرفين. وتلك الصفة إما حقيقية - أي: هيئة متقررة في الذات، أي: ثابتة فيها بحيث لا يكون حصولها في الذات بالقياس إلى غيرها -. وإما نسبية، أي: معنى متعلق بشيئين بحيث يتوقف تعقله على تعقلهما كالأبوة والبنوة. وقوله: «جلا» أي: ظهر تصوره من غير توقف على شيئين. وقوله: «بحس» خبر لمحذوف، أي: وظهوره بحس، أي: بسببه. وكذا يقال في «أو عقل». وقوله: «تلا» أي: تبع الحقيقي في الذكر، وهو تكملة. دسوقي ومخلوف.

(٦) قوله: «وواحدا ... إلخ» أي: وينقسم وجه التشبيه ثانيا قسمة أخرى وهي أن يكون واحدًا ... الخ. مخلوف.

(٧) قوله: «وتشبيه» مبتدأ خبره «نمي»، أو هو صفة له والخبر «للتمليح». وقوله: «نمي» أي: نسب. وقوله: «في الضد» حال من نائب فاعل «نمي». وقوله: «للتمليح» متعلق بـ «نمي». مخلوف.