حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

فصل: في الدلالة الوضعية

صفحة 158 - الجزء 1

  فالأول: كما في تشبيه ثوب بآخر في الجنس، كقولك: «هذا القميص مثل هذا» في كونهما كتانا.

  والثاني: كمتلو⁣(⁣١) هذا المثال، وهو: إما وصف حقيقي، أو إضافي.

  والأول: قسمان: حسي: أي: مدرك بإحدى الحواس بالبصر من الألوان⁣(⁣٢) والأشكال والمقادير والحركات، والسمع من الأصوات الضعيفة والقوية وما بينهما، والذوق من الطعوم⁣(⁣٣)، والشم من الروائح⁣(⁣٤)، واللمس من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والخشونة والملاسة واللين والصلابة والخفة والثقل، وما يتصل بها من البلَّة والجفاف واللزوجة وغير ذلك⁣(⁣٥).

  وعقلي: كالكيفيات النفسانية من الذكاء والعلم والغضب والحلم والكرم والبخل والشجاعة والجبن وسائر الغرائز.

  والإضافي: أن يكون معنى متعلقا بشيئين، كإزالة الحجاب في تشبيه الحجة بالشمس، فإنها⁣(⁣٦) ليست هيئة متقررة في ذات الحجة ولا في ذات الحجاب. فمراد المصنف بالنسبي: الإضافي.

  وينقسم وجه الشبه أيضًا إلى ثلاثة أقسام: واحد، ومركب من متعدد: تركيبا حقيقيًّا: بأن يكون حقيقة ملتئمة من أمور مختلفة، أو اعتباريًّا: بأن يكون هيئة انتزعها العقل من عدة أمور، وإلى متعدد بأن ينظر إلى عدة أمور ويقصد اشتراك


(١) يعني الشجاعة في تشبيه الرجل الشجاع بالأسد. مخلوف.

(٢) فيقال عند التشبيه في اللون: «خده كالورد في الحمرة»، وفي الشكل: «رأسه كالبطيخ الشامي في الشكل»، وفي المقدار: «جهنم ترمي بشرر كالقصر في المقدار». وقوله: «والحركات» هي حصول الجسم في مكان بعد حصوله في مكان آخر. فيقال عند التشبيه في الحركة: «كأن فلانا في ذهابه السهم السريع».

(٣) نحو: «هذا الطعام كالعسل في الحلاوة، وهذا كالصبر في المرارة». يعقوبي.

(٤) نحو: «هذا النبات كالورد في رائحته، وهذا الدهن كالقطران فيها». يعقوبي.

(٥) تقول في الحرارة أو البرودة: «هواء اليوم كالنار في حرارته، أو كالثلج في برودته». وفي الرطوبة أو اليبوسة: «هذا الطعام كالزبد عند انفصاله من اللبن في رطوبته، أو هذا الخبز كالحجر في يبوسته». وعلى هذا فقس. يعقوبي.

(٦) أي: الإزالة. وقوله: «ولا في ذات الحجاب» الأولى حذفه؛ لأن الكلام في كون وجه الشبه خارجا عن الطرفين، والحجاب ليس واحدا منهما، وإنما هو متعلق الإزالة. دسوقي.