الباب الثاني الحقيقة والمجاز
  وإن كانا عقليين فالجامع لا يكون إلا عقليًّا، نحو: {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا}[يس ٥٢]، فإن المستعار منه: الرقاد(١)، والمستعار له: الموت، والجامع بينهما عدم ظهور الفعل(٢)، والجميع عقلي.
  وإن كان المستعار منه حسيا والمستعار له عقليا فكذلك(٣)، نحو: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}[الحجر ٩٤]، فإن المستعار منه: كسر الزجاجة، وهو حسي، والمستعار له: التبليغ، والجامع التأثير، وهما عقليان.
  أو عكسه، نحو: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء}[الحاقة ١١]، فإن المستعار له: كثرة الماء، وهو حسي، والمستعار منه: التكبر(٤)، والجامع الاستعلاء المفرط(٥)، وهما عقليان.
  قال:
  وَاللَّفْظُ إِنْ جِنْسًا فَقُلْ أَصْلِيَّةْ ... وَتَبَعِيَّةٌ لَدَى الْوَصْفِيَّةْ
  وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ كَـ «حَالُ الصُّوفِي ... يَنْطِقُ أَنَّهُ الْمُنِيبُ الْمُوفِي»
  أقول: تنقسم الاستعارة باعتبار اللفظ: إلى أصلية. وتبعية.
  فإن كان المستعار اسم جنس(٦) فالاستعارة أصلية، نحو: «رأيت أسدا في الحمام».
  وإن كان صفة(٧)، نحو: «الحال ناطقة بكذا»، أو فعلاً، نحو: «نطقت الحال بكذا»، ومنه: مثال المصنف، أو حرفاً، نحو: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ
(١) قوله: «الرقاد» أي: النوم، على أن يكون المرقد مصدرًا، وتكون الاستعارة أصلية. مخلوف.
(٢) لأن كلا من النائم والميت لا يظهر منه فعل، والمراد الفعل الاختياري المعتد به؛ فلا يعترض بأن النائم يصدر منه فعل. مخلوف.
(٣) أي: فالجامع لا يكون إلا عقليا.
(٤) أي: عد الشخص نفسه كبيرًا ذا رفعة: إما مع الإتيان بما يدل عليها، أو باعتقادها ولو لم تكن. مخلوف.
(٥) أي: الزائد على الحد.
(٦) اسم الجنس: هو ما دل على ذات صالحة للصدق على كثيرين من غير اعتبار وصف، والمراد بالذات هنا: ما يستقل بالمفهومية: عينًا كـ «أسد»، أو معنى كـ «ضَرْب».
(٧) يراد بالصفة: اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل ويلحق بها المصغر والمنسوب كـ «رُجَيْل». انظر جواهر البلاغة للسيد أحمد الهاشمي.