الضرب الأول: المعنوي
  الثالث: المشاكلة: وهي ذكر الشيء بلفظ غيره؛ لوقوعه(١) في صحبته تحقيقا أو تقديرًا.
  فالأول(٢): نحو قوله [الكامل]:
  قالوا: اقتَرِحْ شيئًا نُجِدْ لكَ طَبْخَهُ ... قلتُ: اطبخُوا لي جُبَّةً وقَمِيصا(٣)
  أي: خيطوا، فعبر عنه بلفظ «الطبخ»؛ لوقوعه في صحبة طبخ الطعام. ومنه: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللّهُ}[آل عمران ٥٤].
  والثاني: نحو: {صِبْغَةَ اللّهِ}[البقرة ١٣٨]، وهو مصدر مؤكد لِـ: {آمَنَّا بِاللّهِ} أي: تطهير الله(٤)؛ لأن الإيمان يطهر النفوس. والأصل فيه(٥): أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يقال له: المعمودية، ويقولون: إنه تطهير لهم، فعبر عن الإيمان بالله بصبغة الله؛ للمشاكلة؛ لهذه القرينة(٦).
  الرابع: المزاوجة: وهي أن يزاوج(٧) - أي: يقارن - بين معنيين في الشرط والجزاء، كقوله [الطويل]:
  إذا مَا نَهَى النَّاهِي فَلَجَّ(٨) بِيَ الهوَى ... أصَاخَتْ إلى الواشِي فَلَجَّ بِها الْهَجْرُ(٩)
(١) قوله: «لوقوعه» أي: الشيء، وقوله: «في صحبته» أي: صحبة الغير. دسوقي.
(٢) ومنه ما روي في الأثر: «إن الله لا يمل حتى تملوا» فقد وضع: «لا يمل» موضع: «لا يقطع عنكم ثوابه»؛ لأن المعنى: إن الله لا يقطع عنكم نعمته وفضله وثوابه حتى تملوا عن مسألته.
(٣) البيت للشاعر أحمد بن محمد أنطاكي المكنى بأبي الرقعمق، انظر أخباره في يتيمة الدهر ١/ ٢٣٨، ووفيات الأعيان ١/ ١١٣
(٤) قوله: «تطهير الله» تفسير لصبغة الله، وقوله. «لأن الإيمان ... إلخ» علة لمؤكد. دسوقي.
(٥) قوله: «والأصل فيه» أي: في هذا المعنى، وهو ذكر التطهير بلفظ الصبغ. سعد.
(٦) جيء بلفظ: {صِبْغَةَ اللّهِ} للمشاكلة وإن لم يكن قد تقدم لفظ الصبغ؛ للقرينة، أي: قرينة الحال التي هي سبب النزول من غمس النصارى أولادهم في الماء الأصفر.
(٧) قوله: «يزاوج» أي: يُجعل معنيان واقعان في الشرط والجزاء مزدوجين [أي: مستويين] في أن يرتب على كل منهما معنى مرتب على الآخر. مخلوف ودسوقي.
(٨) قوله: «فلج» عطف على: «نهى»، وجواب الشرط «أصاخت»، وقوله: «فلج بها» عطف عليه. دسوقي.
(٩) البيت للبحتري، انظر ديوانه. ومعنى لجَّ: بالغ وتمادى. وأصاخت: استمعت. والشاهد فيه: أنه زاوج بين النهي والإصاخة في الشرط والجزاء بترتيب اللجاج عليهما.