السرقة الخفية
  وإن أخذ المعنى وحْدَهُ سمي: إلمامًا وسلخًا(١).
  وقوله: (وتقسيما فع): أي: اضبط تقسيما تقدم آنفا، وهو ثلاثة أقسام(٢) أيضًا وأمثلتها بالأصل.
  قال:
السَّرِقَةُ الْخَفِيَّةُ
  وَمَا سِوَى الظَّاهِرِ أَنْ يُغَيَّرَا ... مَعْنًى بِوَجْهٍ مَّا وَمَحْمُودًا يُرَى
  لِنَقْلٍ أَوْ خَلْطٍ شُمُولِ الثَّانِي ... وَقَلْبٍ اوْ تَشَابُهِ الْمَعَانِي
  أَحْوَالُهُ بِحَسَبِ الْخَفَاءِ ... تَفَاضَلَتْ فِي الْحُسْنِ وَالثَّنَاء
  أقول: هذا هو القسم الثاني: وهو السرقة الخفية، وهو أن يغير المعنى بوجه لطيف، بحيث لا يظهر أنه مسروق إلا بعد تأمل، وهو محمود.
(١) مشتق من سلخ أديم الشاة، وهو أخذ بعض جسم المسلوخ. الطراز ج ٣.
(٢) لأن الثاني إما:
١ - أبلغ من الأول كقول أبي تمام:
هو الصنع إن يعجل فخير وإن يرث ... فللريث في بعض المواضع أنفعُ
وقول أبي الطيب:
ومن الخير بطء سيبك عني ... أسرع السحب في المسير الجهام
ففي بيت أبي الطيب زيادة بيان، لاشتماله على ضرب المثل بالسحاب.
٢ - دون الأول، كقول البحتري:
وإذا تألق في النَّدِي كلامه الـ ... ـمصقول خلت لسانه من عضبه
وقول أبي الطيب:
كأن ألسنهم في النطق قد جعلت ... على رماحهم في الطعن خرصانا
فبيت البحتري أبلغ؛ لما في لفظي تألق والمصقول من الاستعارة التخييلية، ولزم من إثبات التألق والصقالة للكلام تشبيه كلامه بالسيف وهو استعارة بالكناية.
٣ - مثل الأول، كقول أبي الزناد:
ولم يك أكثر الفتيان مالا ... ولكن كان أرحبهم ذراعا
وقول أشجع:
وليس بأوسعهم في الغنى ... ولكن معروفه أوسع