السرقة الخفية
  إذا غَضِبَتْ عَليكَ بَنُو تَمِيمٍ ... وَجَدْتَ النَّاسَ كُلُّهمُ غِضَابا(١)
  وقول أبي نواس [السريع]:
  ليسَ عَلى اللهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أنْ يَجْمَعَ العَالَمَ في وَاحَدِ(٢)
  ومنها: القلب، وهو أن يكون معنى الثاني نقيض معنى الأول، كقول أبي الشيص [الكامل]:
  أجِدُ الْمَلَامَةَ في هَوَاكِ لَذِيذَةً ... حُبًّا لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي اللُوَّمُ(٣)
  وقول أبي الطيب [الكامل]:
  أأُحِبُّهُ وَأُحِبُّ فِيهِ مَلَامَةً ... إنَّ الْمَلَامَةَ فِيهِ مِنْ أعْدَائِهِ(٤)
  ومنها: أن يتشابه المعنيان(٥)، كقول جرير [الوافر]:
  فلا يَمْنَعْكَ مِنْ أَرَبٍ لُحَاهُمْ ... سَواءٌ ذُو العَمَامَةِ وَالْخِمَارِ(٦)
  وقول أبي الطيب [الوافر]:
  وَمَنْ في كَفِّهِ مِنْهُمْ قَنَاةٌ ... كَمَنْ في كَفِّهِ مِنْهُمْ خِضَابُ(٧)
(١) البيت لجرير من قصيدة يهجو فيها الراعي النميري، انظر ديوانه ص ٧٨ والإيضاح.
(٢) البيت لأبي نواس من قصيدة يمدح بها الفضل بن الربيع. انظر ديوانه ص ١٤٦.
والشاهد فيه: أن بيت أبي نواس أشمل من بيت جرير؛ لأن بيت جرير يختص ببعض العالم وهم الناس، وهذا يشمل الناس وغيرهم بقوله: «يجمع العالم».
(٣) البيت لأبي الشيص محمد بن رزين الخزاعي، انظر الإيضاح ص ٤٠٤ والإشارات ص ٣١٤.
(٤) الاستفهام في قوله: «أأحبه» للإنكار باعتبار القيد الذي هو الحال، أعني قوله: «وأحب فيه ملامة»، كما يقال: أتصلي وأنت محدث، ويجوز أن تكون الواو للعطف والإنكار راجع إلى الجمع بين أمرين، أعني: محبته، ومحبة الملامة فيه.
والشاهد فيه: أن معنى بيت المتنبي نقيض معنى بيت أبي الشيص. مختصر السعد.
(٥) أي: معنى البيت الأول المأخوذ منه ومعنى البيت الثاني المأخوذ من غير نقل للمعنى إلى محل آخر، فغاير ما بعده. دسوقي.
(٦) انظر شرح ديوان جرير ص ١٤٧ والإيضاح ص ٤٠٤.
ومعنى البيت: لا يمنعك من أَرَب - أي: حاجة - «لحاهم» جمع لحية، يعنى كونهم في صورة الرجال، «سواء ذو العمامة والخمار» يعنى أن الرجال منهم والنساء سواء في الضعف.
(٧) البيت للمتنبي انظر شرح ديوانه ٢/ ١٣٧.
والشاهد فيه: مساواته للبيت المأخوذ منه وهو بيت جرير. ومعنى قناة: حربة، والخضاب: الحناء.