حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

السرقة الخفية

صفحة 222 - الجزء 1

  إذا غَضِبَتْ عَليكَ بَنُو تَمِيمٍ ... وَجَدْتَ النَّاسَ كُلُّهمُ غِضَابا⁣(⁣١)

  وقول أبي نواس [السريع]:

  ليسَ عَلى اللهِ بِمُسْتَنْكَرٍ ... أنْ يَجْمَعَ العَالَمَ في وَاحَدِ⁣(⁣٢)

  ومنها: القلب، وهو أن يكون معنى الثاني نقيض معنى الأول، كقول أبي الشيص [الكامل]:

  أجِدُ الْمَلَامَةَ في هَوَاكِ لَذِيذَةً ... حُبًّا لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي اللُوَّمُ⁣(⁣٣)

  وقول أبي الطيب [الكامل]:

  أأُحِبُّهُ وَأُحِبُّ فِيهِ مَلَامَةً ... إنَّ الْمَلَامَةَ فِيهِ مِنْ أعْدَائِهِ⁣(⁣٤)

  ومنها: أن يتشابه المعنيان⁣(⁣٥)، كقول جرير [الوافر]:

  فلا يَمْنَعْكَ مِنْ أَرَبٍ لُحَاهُمْ ... سَواءٌ ذُو العَمَامَةِ وَالْخِمَارِ⁣(⁣٦)

  وقول أبي الطيب [الوافر]:

  وَمَنْ في كَفِّهِ مِنْهُمْ قَنَاةٌ ... كَمَنْ في كَفِّهِ مِنْهُمْ خِضَابُ⁣(⁣٧)


(١) البيت لجرير من قصيدة يهجو فيها الراعي النميري، انظر ديوانه ص ٧٨ والإيضاح.

(٢) البيت لأبي نواس من قصيدة يمدح بها الفضل بن الربيع. انظر ديوانه ص ١٤٦.

والشاهد فيه: أن بيت أبي نواس أشمل من بيت جرير؛ لأن بيت جرير يختص ببعض العالم وهم الناس، وهذا يشمل الناس وغيرهم بقوله: «يجمع العالم».

(٣) البيت لأبي الشيص محمد بن رزين الخزاعي، انظر الإيضاح ص ٤٠٤ والإشارات ص ٣١٤.

(٤) الاستفهام في قوله: «أأحبه» للإنكار باعتبار القيد الذي هو الحال، أعني قوله: «وأحب فيه ملامة»، كما يقال: أتصلي وأنت محدث، ويجوز أن تكون الواو للعطف والإنكار راجع إلى الجمع بين أمرين، أعني: محبته، ومحبة الملامة فيه.

والشاهد فيه: أن معنى بيت المتنبي نقيض معنى بيت أبي الشيص. مختصر السعد.

(٥) أي: معنى البيت الأول المأخوذ منه ومعنى البيت الثاني المأخوذ من غير نقل للمعنى إلى محل آخر، فغاير ما بعده. دسوقي.

(٦) انظر شرح ديوان جرير ص ١٤٧ والإيضاح ص ٤٠٤.

ومعنى البيت: لا يمنعك من أَرَب - أي: حاجة - «لحاهم» جمع لحية، يعنى كونهم في صورة الرجال، «سواء ذو العمامة والخمار» يعنى أن الرجال منهم والنساء سواء في الضعف.

(٧) البيت للمتنبي انظر شرح ديوانه ٢/ ١٣٧.

والشاهد فيه: مساواته للبيت المأخوذ منه وهو بيت جرير. ومعنى قناة: حربة، والخضاب: الحناء.