حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

تذنيب في ألقاب من الفن

صفحة 231 - الجزء 1

  أقول: الإحالة: مصدر أحلته على كذا، وهي قسمان: خفية، وجلية، كقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ(⁣١)}⁣[النساء ١٤٠]، إحالة على قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا(⁣٢)} الآية [الأنعام ٦٨]. وكقوله: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}⁣[النساء ١٦٣] والإحالة في الآية الأولى ظاهرة، وفي الثانية خفية، لما قيل إنها إحالة على قوله: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ(⁣٣)} الآية [الأنبياء ١٠٥] لتضمنه تفضيل محمد ÷.

  والتلويح: الكناية البعيدة التي كثرت فيها الوسائط بين اللازم والملزوم، كـ «كثير الرماد».

  والتخييل⁣(⁣٤) - ويقال له: الإيهام -: وهو أن يذكر لفظ له معنيان: قريب وبعيد ويراد البعيد⁣(⁣٥)؛ وهو أقسام تسعة مذكورة في المطولات من أرادها فليرجع إليها.

  والفرصة: استدراجك المخاطب لتأخذه، كقولك لمنكر المعاد: «هل كنت


(١) تمام الآية: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.

(٢) وتمامها: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. صدق الله العظيم.

(٣) وتمامها: {مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}. صدق الله العظيم.

(٤) عرفه الإمام يحيى بن حمزة # في الطراز بقوله: هو اللفظ الدال بظاهره على معنى والمراد غيره على جهة التصوير.

(٥) مثل قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}⁣[المائدة ٦٤] له معنى قريب وهو حقيقة اليدين، ومعنى بعيد هو النعمة وهو المراد؛ لأن المعنى الحقيقي ممتنع في حقه تعالى وتقدس عما يقوله الجاهلون فقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى ١١] وقال: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}⁣[الإخلاص ٤] وقال: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلّهِ الأَمْثَالَ}⁣[النحل ٧٤].

(*) ذكر الحلبي والنويري أن الإيهام يقال له: التورية والتخييل، وهو أن تذكر ألفاظًا لها معانٍ قريبة وبعيدة فإذا سمعها الإنسان سبق إلى فهمه القريب، ومرادُ المتكلم البعيدُ، وقالا عن قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر ٦٧] إنه من التخييل وهو تصوير حقيقة الشيء للتعظيم. انظر معجم المصطلحات البلاغية للدكتور أحمد مطلوب، وحسن التوسل ص ٢٤٩، ونهاية الأرب ٧/ ١٣١.