[تقديم الشارح]
  وأما قوله:
  وأنتَ غيثُ الورى لا زلتَ رحمانا
  فخطأ نشأ عن التعنت في الكفر(١).
  واعترض: بأن الصناعة تقتضي الترقي للأبلغ من غيره كما في: «عالم نِحْرِير».
  وأجيب: بجعل الثاني كالتتمة للأول باعتبار جلالة النعم فيه دون الثاني. ومن أراد تحقيق الكلام على البسملة فعليه برسالتنا: (كشف اللثام عن مُخَدَّرات الأفهام)، فإنها من أجلِّ ما أُلِّفَ في هذا المقام.
  قال:
  الحَمْدُ لِله البَدِيعِ الهَادِي ... إلى بيَانِ مَهْيَعِ الرَّشَاد
  أقول: الحمد لغة: هو الثناء بالكلام على المحمود بجميل صفاته.
  واصطلاحا: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب إنعامه.
  ومعنى الشكر لغة: هو معنى الحمد اصطلاحا بإبدال لفظ الحامد بالشاكر.
  واصطلاحًا: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خُلِقَ لأجله.
  وجملة الحمد مفيدة له ولو كانت خبرية؛ لأن الإخبار بالثناء ثناء، ولِاختصاص(٢) جميع أفراده به تعالى وإن أشير بـ «أل» إلى غير كل الأفراد؛ لكون(٣) الحمد صفة ذاتٍ، أو صفة فعلٍ.
  وقدم المسند إليه للأصل والبلاغة(٤)، وعرِّف بـ «أل» ليتأتى ما يصلح أن يراد بها(٥).
(١) حيث أطلق ما هو خاصٌّ بالله ø على مخلوق، وقد رد بعض الأدباء على هذا البيت بقوله:
خصصت بالمقتِ يا ابن الأخبثين أبًا ... وأنت شرُّ الورى لا زلت شيطانا
(٢) معطوف على ضمير «له». مخلوف.
(٣) قوله: «لكون» علةٌ للاختصاص؛ أي: وإنما اختص جميع أفراد الحمد به تعالى لكون الحمد صفة ... الخ. مخلوف.
(٤) أي: المطابقة لما يقتضيه مقام الحمد من تقديم ما يدل عليه. مخلوف.
(٥) أي: من فرد مخصوص فتكون «أل» للعهد، أو كل فرد فتكون «أل» للاستغراق.