حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[تقديم الشارح]

صفحة 25 - الجزء 1

  وأما قوله:

  وأنتَ غيثُ الورى لا زلتَ رحمانا

  فخطأ نشأ عن التعنت في الكفر⁣(⁣١).

  واعترض: بأن الصناعة تقتضي الترقي للأبلغ من غيره كما في: «عالم نِحْرِير».

  وأجيب: بجعل الثاني كالتتمة للأول باعتبار جلالة النعم فيه دون الثاني. ومن أراد تحقيق الكلام على البسملة فعليه برسالتنا: (كشف اللثام عن مُخَدَّرات الأفهام)، فإنها من أجلِّ ما أُلِّفَ في هذا المقام.

  قال:

  الحَمْدُ لِله البَدِيعِ الهَادِي ... إلى بيَانِ مَهْيَعِ الرَّشَاد

  أقول: الحمد لغة: هو الثناء بالكلام على المحمود بجميل صفاته.

  واصطلاحا: فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب إنعامه.

  ومعنى الشكر لغة: هو معنى الحمد اصطلاحا بإبدال لفظ الحامد بالشاكر.

  واصطلاحًا: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خُلِقَ لأجله.

  وجملة الحمد مفيدة له ولو كانت خبرية؛ لأن الإخبار بالثناء ثناء، ولِاختصاص⁣(⁣٢) جميع أفراده به تعالى وإن أشير بـ «أل» إلى غير كل الأفراد؛ لكون⁣(⁣٣) الحمد صفة ذاتٍ، أو صفة فعلٍ.

  وقدم المسند إليه للأصل والبلاغة⁣(⁣٤)، وعرِّف بـ «أل» ليتأتى ما يصلح أن يراد بها⁣(⁣٥).


(١) حيث أطلق ما هو خاصٌّ بالله ø على مخلوق، وقد رد بعض الأدباء على هذا البيت بقوله:

خصصت بالمقتِ يا ابن الأخبثين أبًا ... وأنت شرُّ الورى لا زلت شيطانا

(٢) معطوف على ضمير «له». مخلوف.

(٣) قوله: «لكون» علةٌ للاختصاص؛ أي: وإنما اختص جميع أفراد الحمد به تعالى لكون الحمد صفة ... الخ. مخلوف.

(٤) أي: المطابقة لما يقتضيه مقام الحمد من تقديم ما يدل عليه. مخلوف.

(٥) أي: من فرد مخصوص فتكون «أل» للعهد، أو كل فرد فتكون «أل» للاستغراق.