[تقديم الشارح]
  وتحقيق الكلام على الحمد والشكر والمدح لغةً واصطلاحًا والنسبة بين أفراد الجميع في الرسالة المتقدمة.
  والبديع: المبدِع للشيء على غير مثال فهو: «فعيل» بمعنى: «فاعل»، ويطلق على الشيء المبدَع فهو بمعنى: «مفعول»، وإطلاقه على الله تعالى صحيح بالمعنى الأوَّل، مستحيل بالمعنى الثاني.
  والهادي: يطلق على الدَّال على الطريقة الموصلة إلى المطلوب، وعلى خالق الهداية في القلب(١). وهو بالمعنى الأول: مشترك بين الله، وأنبيائه، وأوليائه، وكل داعٍ إليه تعالى من خلقه، وهو المراد هنا. وبالمعنى الثاني: خاصٌّ به تعالى.
  والبيان: الإيضاح. والمَهْيَع: الطريق(٢). والرشاد: الصواب. وفي ذكر: (البديع) و (بيان) براعة استهلال، وهي: أن يذكر المتكلم في أول كلامه ما يشعر بمقصوده كما يأتي في الفنِّ الثالث.
  قال:
  أمدَّ أَرباَب النُّهَى ورَسمَا(٣) ... شَمسَ البَيَانِ في صدُورِ العُلَمَا
  أقول: الإمداد: إعطاء المدد، وهو الزيادة في الخير. والأرباب: جمع رب، والمراد به هنا: الصاحب.
  والنُّهى: جمع نهية، وهي العقل. والرسم هنا: عبارة عن الإثبات. والبيان: المنطق الفصيح الْمُعْرِبُ عما في الضمير، وإضافته لما قبله من قبيل: «لُجَيْن الماء(٤)» ويحتمل: تشبيه البيان بالنهار ففيه مَكْنِيَّة وتخييلية. ويحتمل: استعارة الشمس لقواعد علم البيان، فالاستعارة تحقيقية.
(١) ويسميها بعضهم هداية التوفيق التي هي انشراح الصدر للحق وقبوله.
(٢) المراد به هنا الإسلام. مخلوف.
(٣) «رسما» معطوف على «أمدَّ» والألف لإطلاق الروي، والله أعلم.
(٤) أي: من إضافة المشبه به للمشبه، فقوله: «ورسما شمس البيان» معناه البيان الذي كالشمس، فقد شبه البيان بالشمس بجامع الظهور في كلٍّ.