حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[تقديم الشارح]

صفحة 27 - الجزء 1

  ومعنى كون البيان كالشمس: أنه يظهر به غيره، وهو المعاني، كما أن الشمس يظهر بها غيرها، وإن كان الظهور الأول معنويًّا، والثاني حسيًّا، أي: باعتبار المتعلق فيهما⁣(⁣١)، والرسم⁣(⁣٢) لمعنى البيانِ لَا لَهُ.

  والصدور: جمع صدر، مرادًا به هنا: القلب، أي: اللطيفة، فهو مجاز بمرتبتين⁣(⁣٣).

  و «أل» في العلماء للكمال، أي: العاملين. وفيه⁣(⁣٤) تنبيه على أن العلم لا يستقر، ولا يثبت إلا في قلبٍ تخلَّى عن الرذائل؛ لمصادفته قلبًا خاليًا، فيتمكن، فإن الحكمة إذا لم تجدِ القلبَ كذلك فإنها ترجع من حيث أتت.

  قال:

  فأبصَروا معجزةَ القُرْآنِ ... واضِحةً بِساطِعِ البُرهان

  أقول: الفاء تفريعيَّة. والمراد بالإبصار هنا: القلبي، أي: النظر بعين البصيرة.

  والمعجزة: أمر خارق للعادة مقرون بالتحدِّي، فإضافته لما بعده بيانية؛ إذِ المراد به⁣(⁣٥) النظم المعجز، وإن كان يطلق بالاشتراك اللفظي على الصفة القديمة - أيضًا - فالإضافة قرينة معينة.

  وقوله: (بساطع البرهان) من إضافة الصفة للموصوف، أي: البرهان الساطع، أي: الظاهر.

  والبرهان العقلي: قياس مركب من قضايا يقينية. والمراد به هنا: ما يعم النقليَّ، ولا شك أن كون القرآن من كلام الله - تعالى - الناشئ عن الإعجاز المفهوم من معجزة ثابتٌ بالبرهانين.


(١) أي: أن حسية الظهور ومعنويته باعتبار متعلقه وهو المحسوس والمعقول. مخلوف.

(٢) استئناف بياني جواب عما يقال: إن البيان بمعنى المنطق لا يرسم في القلب. مخلوف.

(٣) لأن معناه الحقيقي محل القلب بمعنى اللحمة، وهو محل اللطيفة، فالعلاقة المحلية بواسطة محلية سابقة. مخلوف.

(٤) أي: في البيت. مخلوف.

(٥) أي: بالقرآن.