حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

[تقديم الشارح]

صفحة 31 - الجزء 1

  وكل ناطق بالضاد: أشار به إلى قوله ÷ فيما روي عنه متكلمًا فيه بالوضع: «أنا أفصح من نطق بالضاد بيد⁣(⁣١) أني من قريش»، ومقصوده: الثناء على المصطفى ÷ بكمال فصاحته. وفي بعض النسخ:

  على نبي اصطفاه الهادي ... أجل ... ... الخ

  و (محمد): عَلَمٌ على ذاته ÷. و (سيد خلق الله) أي: أفضلهم وأشرفهم على الإطلاق بتفضيل من المولى سبحانه وتعالى؛ بدليل: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر». وأما ما ورد من الأحاديث الدالة على نهيه عن تفضيله على غيره من الأنبئاء فأجابوا عنها بأجوبة، منها: أنه قال ذلك تواضعًا منه [÷].

  و (العربي): نسبة إلى العرب. و (الطاهر): المُنَزَّهِ حسًّا ومعنىً⁣(⁣٢) عن شائبة وصفٍ مخلٍّ بشيءٍ من كماله ÷، صغيرًا كان أو كبيرًا، قبل النبوَّة وبعدها، عمدًا أو سهوًا. و (الأوَّاه): كثير التأوُّهِ من خشية الله تعالى، وقد ورد: أنه كان يُسمع لصدره ÷ أزيزٌ كأزيز الْمِرْجَل، أي: غليان كغليان الْقِدْرِ؛ لأن الخوف على قَدْرِ المعرفة، وهو أعرفُ خلق الله تعالى بالله.

  قال:

  ثُمَّ على صاحبِهِ الصِّدِّيقِ ... حبيبِهِ وعمرَ الفاروقِ

  ثُمَّ أبي عَمروٍ إمامِ العابِدِين ... وسَطْوَةِ اللهِ إمامِ الزَّاهِدِين

  أقول: صاحب بمعنى: صحابي، وهو مَن اجتمع به ÷ مؤمنا به بعد نبوَّته حال حياته اجتماعا متعارفا⁣(⁣٣). وأما قولهم: «ومات على ذلك» فبيان لثمرة الصحبة؛ إذ تحققها لا يتوقف على ذلك. و (الصدِّيق): لقب لسيدنا أبي بكر ¥


(١) «بيد» بمعنى «غير»، وفي الحديث شاهد بلاغي، وهو تأكيد المدح بما يشبه الذم كما ستعرفه في فن البديع.

(٢) أي: ظاهرًا وباطنًا.

(٣) قوله: اجتماعاً متعارفاً إن أراد بالمتعارف الظهور بين الناس فاشتراطه ممنوع لأدائه إلى إخراج عيسى والخضر، وإن أراد به كون الاجتماع على وجه الأرض فالمشهور اشتراطه. مخلوف باختصار يسير.