الباب الأول: أحوال الإسناد الخبري
  بعاطف محذوف. و (منسوبين): حال من ضمير: (وردا)، البارز. و (للعقل): متعلق به(١)، أي: فيقال(٢): حقيقة عقلية، ومجاز عقلي. ويصح تَعَلُّقُهُ(٣) بـ (ورد) العائد ضميره للإسناد، وألِفُهُ(٤) للإطلاق، و (منسوبين): صفة لهما، و (للعقل): متعلق به، أي: ورد الإسناد إلى حقيقة وإلى مجاز منسوبين للعقل. وقوله: (أما المبتدأ): أي: الحقيقة العقلية، وقوله: (أو مضاهيه): أي: مشابِهه في الدلالة على الحدث. و (فاز من تبتلا): أي: أفلح من انقطع إلى مولاه. والتبتل قسمان: تبتل البداية: وهو الانقطاع عن الخلق بالعزلة، وهو وصف المريدين. وتبتل النهاية: وهو خلو القلب وانقطاعه عن السِّوَى، وهو وصف الواصلين.
  وقوله: (أقسامه): الضمير للمبتدأ، ولو نظر للمراد به - وهو الحقيقة - لأنَّث الضمير كما هو ببعض النسخ. ولم يأتِ المصنف بأداة حصر؛ ليفيد أن بعض الإسناد ليس بحقيقة ولا مجاز، نحو: «الإنسان حيوان»؛ لعدم كون المسند فعلًا أو ما في معناه.
  واعلم أَنَّ الحقيقة والمجاز يتصف بهما الإسناد أوَّلًا وبالذات، واللفظ ثانيًا وبالعرض(٥)، وبذلك(٦) ناسب ذكرهما في فن المعاني الباحث عن أحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال، وقد تبع الأصل في إيرادهما هنا، وفيه نظر يعلم من المطول(٧).
(١) أي: متعلق بمنسوبين.
(٢) قوله: «أي: فيقال ... إلخ» بيان للنسبة إلى العقل المأخوذة من قوله: «للعقل ... إلخ».
(٣) أي: قوله: لحقيقة، فهو مقابل للتعلق بالفعل المحذوف. مخلوف.
(٤) أي: ألف «وردا».
(٥) قوله: «ثانيا» أي: اتصافا ثانيا. وقوله: «بالعرض» أي: ومتلبسا بالعرض، أي: العروض بواسطة الإسناد. مخلوف. أي: اتصاف الكلام بالحقيقة العقلية أو المجازية العقلية بالتبع للأمر العقلي وهو الإسناد، فاتصاف الكلام بهما باعتبار ما اشتمل عليه من الإسناد.
(٦) أي: بوصف اللفظ بهما. والباء للسببية. مخلوف.
(٧) قال في المطول: وفيه نظر؛ لأن علم المعاني إنما يبحث عن الأحوال المذكورة من حيث إنه يطابق بها اللفظ مقتضى الحال، وظاهرٌ أن البحث في الحقيقة والمجاز العقليين ليس من هذه الحيثية فلا يكون داخلا في علم المعاني.