الباب الأول: أحوال الإسناد الخبري
  وأنَّ الحقيقة تنقسم أربعة أقسام باعتبار الطرفين(١)؛ لأنهما إما مستعملان في حقيقتهما اللغوية، أو مجازهما، أو المسند إليه في حقيقته والمسند في مجازه، أو عكسه.
  فالأول: نحو: «خلق الله زيدًا». والثاني: نحو: «أحيا البحرُ زيدًا» تريد: أعطى الكريمُ زيدًا(٢). والثالث: نحو: «أحيا الإله البقل(٣)». والرابع: نحو: «جاء زيد» وأنت تريد غلامه(٤).
  قال:
  والثانِ أَنْ يُسْنَدَ للملابَسِ ... ليسَ لَهُ يُبْنى كَـ «ثوبٍ لابِسِ»
  أقسامُه بِحَسَبِ النَّوْعَيْنِ(٥) فيْ ... جُزْأيهِ(٦) أَرْبَعٌ بلا تَكَلُّف
  أقول: مراده بالثاني: المجاز العقلي، وهو إسناد الفعل أو شبهه(٧) إلى ملابَسٍ - بالفتح - له غير ما هو له(٨)، بتأويل(٩)، أي: غير الملابس الذي ذلك الفعل أو ما في معناه مبني له(١٠)، أي: غير الفاعل في المبني للفاعل، وغير المفعول به في المبني للمفعول به. ومعنى التأويل: نصب قرينة صارفة عن كون الإسناد إلى ما هو له.
(١) أي: المسند والمسند إليه. وقوله: «باعتبار» متعلق بـ «تنقسم».
(٢) فالإحياء حقيقة: إيجاد الحياة، وهي صفة تقتضي الحس والحركة، ثم استعير لإعطاء الشيء المنعم به، بجامع صلاحية الجسم بكل، واشتق من الإحياء أحيا بمعنى أعطى استعارة تصريحية تبعية، واستعارة البحر للكرم معروفة.
(٣) استعير الإحياء للإنبات بجامع إطلاق الإيجاد. مخلوف.
(٤) ففيه مجاز بالحذف، أو هو من باب التجوز في العَلَم على ما بحثه بعضهم. مخلوف.
(٥) أي: نوع الحقيقة، ونوع المجاز. مخلوف.
(٦) وهما المسند والمسند إليه.
(٧) شبه الفعل: هو المصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة.
(٨) معنى كونه غير ما هو له: أنه ليس من حقه أن يسند إليه؛ لأنه ليس بوصف له.
(٩) يشمل هذا التعريف إسناد الفعل المبني للفاعل وما في معناه كاسم الفاعل إلى غير فاعله: كالمفعول والمصدر والزمان والمكان والسبب مما له علاقة بالفاعل، وإسناد الفعل المبني للمفعول وما في حكمه كاسم المفعول إلى غير نائب الفاعل مما له علاقة به: كالفاعل والمصدر ونحوهما.
(١٠) أي: مسند إليه حقيقة. صبان. مخلوف.