حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون،

أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري (المتوفى: 1192 هـ)

الباب الثالث: الكناية

صفحة 185 - الجزء 1

  والحذف والزيادة بصدق كل منهما على الاسم والحرف، فحذفُ الاسم تقدم في المثال، وزيادته: نحو: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}⁣[غافر ٤٦]؛ إذ المراد: فرعون نفسه، وزيادة الحرف: تقدمت في المثال⁣(⁣١)، ونقصه: نحو: {تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}⁣[يوسف ٨٥] أي: لا تفتأ.

  قال:

البابُ الثَّالِثُ: الكِنايَة

  لَفْظٌ بِهِ لازِمُ مَعْنَاهُ قُصِدْ ... مَعَ جَوَازِ قَصْدِهِ مَعْهُ يَرِدْ

  إِلَى اخْتِصَاصِ الْوَصْفِ بِالْمَوْصُوفِ ... كَالْخَيْرِ فِي الْعُزْلَةِ يَا ذَا الصُّوفِي

  وَنَفْسِ مَوْصُوفٍ وَوَصْفٍ وَالْغَرَضْ ... إِيضَاحٌ اخْتِصَارٌ أوْ صَوْنٌ عَرَضْ

  أَو انْتِقَاءِ اللَّفْظِ لاسْتِهْجَانِ ... وَنَحْوِهِ كَاللَّمْسِ وَالإِتْيَان

  أقول: قد عرف الكناية: بأنها اللفظ الذي أريد به لازم معناه مع جواز إرادته⁣(⁣٢)، نحو: «زيد طويل النجاد⁣(⁣٣)» فإن المراد: لازم معناه وهو طول القامة ويجوز مع ذلك إرادة طول النجاد الذي هو المعنى الحقيقي.

  وبهذا القيد⁣(⁣٤) فارَقَتِ المجازَ؛ لأنه لابد من كون القرينة فيه مانعة عن إرادة المعنى الحقيقي، نحو: «رأيت أسدا في الحمام»، فـ «في الحمام» قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي وهو الحيوان المفترس، كذا قالوا برمتهم.

  واعترض ذلك⁣(⁣٥) عصام الدين في كتابته على متن السمرقندية بما يعلم بمراجعته.


(١) أي: في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.

(٢) أي: إرادة المعنى.

(٣) النجاد: حمائل السيف التي يعلق بها على الكتف، أي: علاقة السيف.

(٤) وهو قوله: «مع جواز إرادته»، أي: إرادة المعنى.

(٥) حاصله: أن الكناية يصح فيها إرادة الموضوع له لا لذاته، بل ليتوصل به إلى الانتقال إلى المراد، ففيها القرينة المانعة عن إرادته لذاته لا للتوصل، والمجاز كذلك لا تمنع فيه القرينة إلا إرادته لذاته، ويجوز إرادته للانتقال مثلاً: جاءني أسد يرمي ليس فيه مع الأسد إلا الرمي الذي يمنع أن يكون المقصود لذاته =