المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[النسب بغير الياء]

صفحة 159 - الجزء 1

  وفاعلاً⁣(⁣١) يكون لصاحب الشيء من غير مبالغة. وكلاهما محمولان على اسم الفاعل وبناء مبالغته، وقد يستعمل اللفظان جميعاً في الشيء الواحد: كسايف وسيّاف، وقد يستعمل أحدهما دون صاحبه: كقوَّاس وترَّاس، وليس شيءٌ منهما بقياس، فلا يقال لصاحب البر: برَّار، ولصاحب الفاكهة: فكَّاه.

  ويعرف أنه ليس باسم فاعل: إما بأن لا يكون له فعل ولا مصدر كنابل وبغّال، أو يكون بمعنى المفعول: كماء دافقٍ، إذا لم يُحمل على المجاز، أو يكون مؤنثاً مجرداً عن التاء: كحائض وطالق.

  (ومنه) أي: ومن الذي هو بمعنى النسبة مما ذُكِر: «راضية» في (عيشةٍ راضية) أي: ذات رضاً؛ إذ العيشة مرضية لا راضية، (وطاعم وكاس) أي: ذو طعم وكسوة، وذلك إذا ارادوا أن له طُعْماً وكُسوةً لنفسه، وهو مما يُذمًّ به، أي: ليس له فعلٌ غير أنه يَطعَم ويكتسي، قال الحطيئة:

  دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي⁣(⁣٢)

  قال الرضي: ولا ضرورة لنا إلى جعل «طاعم» بمعنى النسبة، بل نقول: إنه اسم فاعل من طعم يطعم مسلوباً عنه معنى الحدوث.

  وأما «كاسٍ» فيجوز أن يقال فيه ذلك؛ لأنه بمعنى مفعول، كماءٍ دافقٍ، ويجوز أن يراد الكاسي نفسه، والأظهر الأول؛ لأن اسم الفاعل المتعدي إذا أطلق فالأغلب أن فعله واقعٌ على غيره.


(١) عطف على قوله: إلا أن فعالاً. تمت.

(٢) البيت للحطيئة من قصيدة هجا بها الزبرقان بن بدر، وقد استشهد بالبيت على أن الطاعم والكاسي للنسبة، أي: ذو كسوة وذو طعام.