المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[الابتداء]

صفحة 232 - الجزء 1

  بخلاف نحو: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}⁣[الصافات: ١٥٣]، وقوله [الكامل]:

  أستحدثَ الركبُ من أشياعهم خبراً ... أم راجعَ القلبَ من أطرابه طربُ؟⁣(⁣١)

  فإن اختلاف حركتي الهمزتين رافعٌ للَّبس بعد حذف همزة الوصل.

  (وأما سكون هاء) «هو وهي» بعد واو العطف وفائه ولام الابتداء نحو: (وهْو، ووهْي، وفهْو، وفهْي، ولهْو، ولهْي) وإن كان سكوناً في أول الكلمة (فعارض) لا يحتاج له إلى اجتلاب همزة وصل، وهو مع ذلك (فصيح)، وفي القرآن: {وَهْوَ خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[البقرة: ٢١٦]، {فَهْيَ كَالْحِجَارَةِ}⁣[البقرة: ٧٤]، {لَهْوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}⁣[الحج: ٥٨]، {لَهْيَ الْحَيَوَانُ}⁣[العنكبوت: ٦٤]، فلا يرد اعتراضاً على حصرنا ما أوله ساكن، وإيجاب إلحاق همزة الوصل به فيما تقدم.

  قال نجم الأئمة: وليس هذا⁣(⁣٢) بجوابٍ مَرضي؛ لأن هذا الإسكان على تشبيه أوائل هذه الكلم بالأوساط، فنحو: «وهْو وفهْو ووهْي وفهْي» مشبه بعضُد⁣(⁣٣) وكتِف؛ فلم يسكنوها إلا لجعلهم إياها كالوسط، فكيف تجتلب لما هو كوسط الكلمة همزة وصل؟ ووجه تشبيههم لها⁣(⁣٤) بالوسط عدم استقلال ما قبلها، واستحالة الوقف عليه⁣(⁣٥).

  (وكذلك لام الأمر نحو: ولْيُوفوا) يعني إذا وقعت بعد الواو والفاء فإنها تسكن، لكن سكونها عارض فصيح، (وشبه به) أي: بـ «هو وهي» الواقع بعد


(١) البيت من قصيدة لذي الرمة. استحدثت خبراً: وجدت خبراً جديداً. والركب: أصحاب الإبل، والأشياع: الأصحاب. والطرب: استخفاف القلب في فرح أو في حزن. يريد أبكاؤك وحزنك لخبر حدث أم راجع قلبك طرب؟ والاستشهاد بالبيت على أن همزة الاستفهام إذا دخلت على همزة وصل غير مفتوحة فإن همزة الوصل تحذف حينئذ؛ لعدم اللبس؛ لأن اختلاف حركتي الهمزتين رافع للبس بعد حذف همزة الوصل؛ لأن همزة الاستفهام مفتوحة، وهمزة الوصل في استحدث مكسورة.

(٢) يعني قوله: فعارض فصيح. تمت.

(٣) أي: وهو وفهو مشبه بعضد، و: وهي وفهي مشبه بكتف. تمت.

(٤) أي: لأوائلها. تمت.

(٥) أي: على ما قبلها. إذ هو حرف واحد لا يتأتى الوقف عليه.