المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[العلامات التي بها يعرف الإبدال]

صفحة 124 - الجزء 2

[الإبدال]

  ولما فرغ من الإعلال شرع في الإبدال فقال: (الإبدال: جعل حرف مكان حرفٍ غيره(⁣١)) فهو أخص من التعويض؛ إذ لا يلزم في التعويض أن يجعل العوض في موضع المعوض عنه كالتاء في عدة وزنة وغيرهما⁣(⁣٢). وأعم من القلب؛ لاختصاص القلب بجعل حرف من حروف العلة أو الهمزة مكان الآخر منها. وكأنه أتى بلفظ «غيره» إشارة إلى ذلك، أي: حرف مغاير له أيَّ مغاير كان⁣(⁣٣)، وإلا فلا حاجة إليه في الحد كما لا يخفى.

  ولو زاد على الحد: «لغير الإدغام» لكان صواباً؛ لئلا يرد نحو: اظَّلَم⁣(⁣٤).

[العلامات التي بها يعرف الإبدال]

  (و) لما كان الإبدال خلاف الأصل لم يكن للحكم به بدٌّ من علامة يعرف بها، فذكر أنه (يعرف بأمثلة اشتقاقه) أي: اشتقاق اللفظ الذي فيه الحرف المبدل، يعني الأمثلة التي اشتقت مما اشتق منه اللفظ الذي فيه الإبدال (كتراث) أصله وراث، فإن أمثلة اشتقاقه من «ورث» و «وارث» و «موروث» جميعها مشتق من الوراثة، كما أن تراثاً مشتق منها. (وأجوه) في وجوه، فإن أمثلة اشتقاقه من «توجه» و «مواجه» و «وجَّه» مشتقة من الوجه الذي اشتق أجوه منه.

  فإذا كان في جميع أمثلة اشتقاقه مكان حرفٍ منه حرف آخر عرفت أن الحرف الذي هو فيه بدل مما هو ثابت في مكانه في أمثلة اشتقاقه.


(١) احترز بقوله: «غيره» عن رد المحذوف في مثل أب وأخ في النسب، فإنك تجعل حرفا مكان حرف هو نفسه لا غيره، فلا يسمى إبدالا.

(٢) الهمزة في ابن واسم. جاربردي.

(٣) أي: لا يختص بحروف العلة أو الهمزة.

(٤) أصله: اظتلم، فجعل الظاء مكان التاء لإرادة الإدغام، ولا يسمى إبدالا؛ لأن الظاء ليس من حروف الإبدال. جاربردي.