المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[تقسيم الحروف المتقاربة باعتبار الصفات]

صفحة 167 - الجزء 2

  (وما بينهما) أي: والذي بين الشديدة والرخوة هو (: ما لا يتم له) أي: حرفٌ لا يتم له (الانحصار ولا الجري) عند الإسكان، (و) هي ثمانية أحرف (يجمعها: لم يُروَ عنا) فبقيت الرخوة ثلاثة عشر حرفاً، وهي: الثاء، والحاء، والخاء، والذال، والزاي، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والظاء، والعين، والفاء، والهاء. والنسبة بينها وبين المجهورة: أن المجهورة أعم منها مطلقاً. وبينها وبين المهموسة أنهما متباينان.

  (ومُثِّلت الثلاثة بالحج) وهو مثال الشديدة (والطش) وهو مثال الرخوة (والخَلّ) وهو مثال ما بينهما. وإنما جعل حروف: «لم يرو عنا» بين الشديدة والرخوة لأن الشديدة - كما عرفت - هي التي ينحصر الصوت في مواضعها عند الوقف، وهذه الأحرف الثمانية ينحصر الصوت في مواضعها عند الوقف، لكن تعرض لها أعراض توجب خروج الصوت من غير مواضعها: أما العين فينحصر الصوت في مخرجه، لكن لقربه من الحاء التي هي مهموسة ينسلّ صوته شيئاً قليلاً، فكأنك وقفت على الحاء.

  وأما اللام فمخرجها - أعني: طرف اللسان - لا يتجافى عن موضعه من الحنك عند النطق به، فلا يجري منه صوت، لكن لما لم ينسد طريق الصوت بالكلية كالدال والتاء، بل انحرف طرف اللسان عند النطق به - خرج الصوت عند النطق به من مستدق⁣(⁣١) اللسان فويق مخرجه.

  وأما النون والميم فإن الصوت لا يخرج من موضعيهما من الفم، لكن لما كان لهما مخرجان في الفم والخيشوم جرى الصوت من الأنف دون الفم؛ لأنك لو أمسكت أنفك لم يجر الصوت بهما.

  وأما الراء فلم يجر الصوت في ابتداء النطق به، لكنه جرى شيئاً لانحرافه


(١) أي: طرف.