[بيان إدغام المتقاربة بعضها في بعض]
  ومقروَّة(١) إذا خففت كما تقدم؛ لكون الأول أخف من الثاني أيضاً.
  (و) إلا (في جملة) أي: في كثير (من تاء الافتعال) فيقلب فيه الثاني إلى الأول كما سيأتي (لنحوه) أي: لوجود عارض يشبه ذلك العارض الأول، وهو كون الأول ذا فضيلة(٢) ليست للثاني، (و) لشيء آخر يحمل على تغيير الثاني إذا كان تاء الافتعال، وهو ما عناه بقوله: (لكثرة تغيرها) أي: لأنها تعوّدت التغير كثيراً لغير الإدغام، كما في اضطرب واصطبر؛ فجرَّأ ذلك على تغييرها للإدغام وإن كان القياس تغيير ما قبلها، فقوله: «وفي جملة من تاء الافتعال» عطف على قوله: «لعارض» لا على قوله: «في نحو: اذبح عتوداً» لمكان قوله: «لنحوه»(٣) فتأمل.
  ولما ذكر أن جعل المتقاربين متماثلين بأحد وجهين: إما بقلب الأول إلى الثاني كما هو القياس، أو قلب الثاني إلى الأول لعارض، وكان قد سُمِع: «مَحُّم» في: «مَعَهُم» بقلب العين والهاء كليهما حائين، و «ستٌّ» في «سِدْسٍ» بقلب الدال والسين تائين، فلم يجر الإدغام فيهما على القياس الأول وإلاَّ لقيل: مَهُّم وسِسُّ، ولا على قياس العارض وإلا لقيل: معمٌّ وسِدٌّ - أجاب عنه المصنف بقوله: (ومَحُّم في: معَهُم ضعيفٌ) والفصيح ترك الإدغام فيه على ما هو القياس في مثله كما سيأتي.
  وكذا قالوا: محَّاولاء، في: معَ هَؤلاء. ووجهه مع الضعف أنه لما استثقل الإدغام بالجري على القياس الأول، وبالجري أيضاً على قياس العارض، واستثقل أيضا ترك الإدغام؛ لأن كل واحدة منهما مستثقلة لنزولها في الحلق، فكيف بهما مجتمعتين مع تنافرهما؟ إذ العين مجهورة والهاء مهموسة، فطلبوا حرفاً
(١) بقلب الهمزة ياء فيهما.
(٢) وهي أصالته.
(٣) لأنه لو عطف على قوله: «اذبح عتوداً» لما كان لذكر «نحوه» فائدة؛ إذ قلب الثاني إلى الأول فيه وفي تاء الافتعال من العارض فلا يحتاج لتعليله بقوله: «لنحوه».