المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[مسائل لتدريب المتعلم فيما تعلمه]

صفحة 196 - الجزء 2

[مسائل لتدريب المتعلم فيما تعلمه]

  واعلم أنها قد جرت عادة التصريفيين أن يضعوا أمثلة في بناء كلمة ثلاثية فصاعداً على بناء كلمة كذلك، مساوية⁣(⁣١) لها في الأصول أو أكثر منها. فقلنا: «ثلاثية فصاعداً على بناء كلمة كذلك» أي: ثلاثية فصاعداً؛ لأن ما دون الثلاثة لا يبنى منه⁣(⁣٢)، ولا يبنى مثله.

  وقلنا: «مساوية لها في الأصول أو أكثر منها» لأنها إذا كانت المحذو عليها أقل من المبنية لم يجز البناء؛ لأن ذلك يكون هدماً لا بناءً، فلا يجوز أن يُبنى من الرباعي ثلاثيٌّ، ولا من الخماسي ثلاثي ولا رباعي.

  حكي عن الفارسي أنه حضر يوماً عند أبي بكر بن الخياط، فأكثر أصحاب أبي بكر عليه المسائل وهو يجيبهم ويورد الدلائل، فلما أنفدوا أقبل على أكبرهم سناً وأوسعهم عند نفسه علماً فقال: كيف تبني من سفرجل مثل: عنكبوت؟ فقال مسرعاً مجيباً لأبي علي: سفرَرُوت، فلما سمعها قام من فوره، وصفّق بيديه وهو يقول: سفرروت؛ فالتفت أبو بكر إلى أصحابه وقال لهم: لا أحسن الله جزاءكم، ولا أكثر في الناس من أمثالكم؛ خجلاً من أبي علي واستحياءً منه.

  وإنما أنكر عليه أبو علي لأن عنكبوتا رباعي، والواو والتاء زائدتان؛ فلا يبنى من سفرجل الذي هو خماسي مثله.

  نعم، لو كان في الكلمة زوائد لجاز أن يُبنى منها على مثال أقل حروفاً منها، بأن لا يكون فيه تلك الزوائد، لكن البناء يقع من الحروف الأصول، والزوائد تقع ملغاة، مثل أن تبني من مستغفر مثل جِذْعٍ فإنك تقول: غِفْرٌ، وتحذف الزوائد، ومن ثَمّة قلنا: «في الأصول».


(١) أي: المبني عليها، وقوله: «لها» أي: للمبنية.

(٢) لأنه لا يتصرف.