[مقدمة الخط]
  معناها: أنا الله أعلم، وغير ذلك مما قيل فيها، وإنما كتبت في المصحف كذلك لأن المصحف أثرٌ يُتَّبع، هذا تقرير كلام المصنف.
  وإذا حققت النظر لم تجد كل لفظٍ يكتب إلا بحروف هجائه ما عدا ما في المصحف؛ وذلك لأن أسماء الحروف حين يراد بها المسميات لم تكتب قط حتى تكتب بحروف هجائها، بل المكتوب ما هو المراد - وهو المسمى - وقد كتب بحروف هجائه، فإنه إذا قيل: اكتب جيم فكأنه قيل: اكتب مسمى جيم، فلا فرق بين أن يقول: اكتب مسمى جيم وبين أن يقول: اكتب جَهْ، فلا حاجة إلى الاستثناء بقوله: «إلا أسماء الحروف ...» الخ، وكذلك لفظ الشعر والقرآن، فإنه إذا قال: اكتب شعراً كان المتبادر أنه أراد اكتب مثلاً:
  قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ ... بسقط اللوى بين الدَّخول فحومل
  وإذا قال: اكتب القرآن كان المتبادر منه أنه أراد اكتب سورة الفاتحة مثلاً، فكأنه قال: اكتب قفا نبك ... البيت، واكتب ﷽ الحمد لله رب العالمين ... إلى آخرها؛ فلم يأمرك إلا بتصوير اللفظ بحروف هجائه، ولم تكتب أنت أيضاً إلا حروف هجاء ذلك اللفظ.
  (والأصل في كل كلمة أن تُكتْبَ بصورة لفظها) أي: بحروف هجائها حال كونها ملتبسة (بتقدير الابتداء بها والوقف عليها) يعني مقدراً استقلالها عن شيء يكون قبلها أو بعدها إن كانت مما يستقل (فمن ثمّ كتب نحو) من ابنك؟ بهمزة الوصل؛ لأنك لو ابتدأت بها لم يكن بُدّ من همزة الوصل، ونحو: (رَهْ زيداً) بفتح الراء وكسرها (وقِه زيداً بالهاء) لأنه يوقف عليه بالهاء كما تقدم.
  (و) كتبت «ما(١)» بعد حذف ألفها إذا أضيف إليها اسم نحو: (مثل مه أنت؟ ومجيء مه جئت؟ بالهاء أيضاً) لما تقدم في الوقف من أن ما الاستفهامية
(١) أي: لفظة: «ما».