المناهل الصافية شرح المقدمة الشافية،

لطف الله بن محمد الغياث الظفيري (المتوفى: 1035 هـ)

[معاني الأفعال الأصول والمزيدة التي زيادتها مطردة لمعنى]

صفحة 63 - الجزء 1

  نعم، يفهم من كلام نجم الأئمة هنا وفي الصفة المشبهة أن الغالب في وضع فَعِل المعاني المذكورة وما ناسبها⁣(⁣١)، وأنها غالبة فيه أيضاً.

  (وفَعُل لأفعال الطبائع) أي: الغرائز، يعني الأوصاف المخلوقة (ونحوها) وهو ما كان له لبْث نحو: طَهُر ومَكُث.

  ثم مثل لأفعال الطبائع فقال: (كحَسُنَ وقَبُح) فإنهما من الصفات المخلوقة؛ إذ المراد بالحسنِ تناسب الشكل واللون، والقبحِ ضده (وكَبُر وصَغُر) فإن كون الشيء صغيراً بالنسبة إلى ما هو أكبر منه خِلْقِي (وظَرُف) أي: صار ظريفاً لطيفاً في شكله، فهو خِلْقي، ولو قصد الظرافة المكتسبة في أدب أو صناعة كان مما هو نحو: أفعال الطبائع، ولعل الحمل عليه أنسب ليحصل له⁣(⁣٢) التمثيل.

  (ومن ثمّة) أي: ومن جهة كونه موضوعاً لما ذكر (كان لازماً) أي: فقط - ولو قال: «لم يكن إلا لازماً» لكان أظهر - لأن الغريزة لازمة لصاحبها لا تتعدا إلى الغير. (وشذّ رَحُبَتْك الدار) هذا جواب عن سؤال مقدر، تقديره أنه قد جاء متعدياً في قولهم: «رحُبتك الدار» فلا يصح قولك: كان لازماً، فأجاب بأنه شاذ مخالف للقياس، ووجهه مع الشذوذ أنه نزع منه الخافض وأوصل الفعل، فلا يكون في الحقيقة من المتعدي، وإليه أشار بقوله: (أي: رحُبَت بك) فكأنه قال: إنه لا يرد إشكالاً؛ لأنه من غير هذا الباب، أعني من غير المتعدي بنفسه، مع أنه شاذ؛ إذ نزع الخافض والنصب به ليس بقياس.

  قال نجم الأئمة: قال الأزهري: هو من كلام نصر بن سيار⁣(⁣٣) وليس بحجة، فالأولى أن يقال: إنما عدّاه لتضمنه معنى وسع، أي: وسِعَتك.


(١) من الجوع والعطش ونحو ذلك. تمت.

(٢) أي: لنحو أفعال الطبائع. تمت.

(٣) هو نصر بن سيار بن رافع بن حري بن ربيعة بن عامر بن هلال بن عوف، كان أمير خراسان في الدولة الأموية، وكان أول من ولاه هشام بن عبدالملك.