المضارع
  كان لامه مكررة، ولذلك قال: (أو تكن اللام مكررة) إذ لو كانت مكررة (نحو: احمرَّ واحمارَّ فتدغم) أي: اللام فيما هو تكرير لها لاجتماع المثلين، بناء على أن الزائد هو الثاني، أو فيدغم بالياء أي: ما قبل الآخر.
  ويرد عليه أن ظاهره يقتضي وجوب الإدغام في المكرر اللام مطلقاً، وليس كذلك؛ إذ نحو: اسْحَنْكَك يَسْحَنْكِك(١)، وشَمْلَل يُشَمْلِل، واحْمَرَرْن يحْمَرِرْن لا يجوز فيه الإدغام؛ لما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  ويمكن توجيه كلامه بأن مراده أو تكن اللام مكررة تكريراً يقتضي إدغام الأول في الثاني كما يقتضيه في نحو: احمرّ واحمارّ، فيؤخذ نحو: احمرّ واحمارّ على سبيل التقييد، أو بأن معناه: أن اللام إذا كانت مكررة لم يجب كسر ما قبل الآخر، بل يفصل فيه: بأنه إن كان مقتضى الإدغام موجوداً أدغم، وإلا كسر الأول، ويكون معنى قوله: «فتدغم» أنها حينئذ يمكن إدغامها، وذلك حيث يرتفع المانع، أو بأن معنى فتدغم: بحيث(٢) تدغم، ولو ترك استثناء المدغم لكان أولى؛ لأنه في الحقيقة مكسور ما قبل الآخر، وإنما ذهبت الكسرة للإدغام.
  (ومن ثمة) أي: ومن جهة أن المضارع هو جميع حروف الماضي مع زيادة حرف المضارعة (كان أصل مضارع أفعل) نحو: أكرم (يؤفْعِل) كيؤكرم، كما تقول دحرج يدحرج (إلا أنه) أي: هذا الأصل (رفض) ولم يستعمل (لما يلزم) من استعماله (من توالي همزتين في التكلم) نحو: أكرمت أُأَكرم، وتوالي الهمزتين مكروه، فحذفت الثانية، ولم تخفف بقلبها واواً كأويْدَم طلباً لزيادة التخفيف في المضارع الكثير الاستعمال (فخفف) بالحذف (في الجميع)
(١) اسحنكك الليل: اشتدت ظلمته. وشملل: أسرع وشمَّر.
(٢) لعل الفرق بين هذا التوجيه والذي قبله أن القضية على الأول ممكنة، أي: تدغم بالإمكان وإن لم يحصل الإدغام بالفعل، فيكون يحمررن ونحوه ممكن الإدغام، وذلك عند ارتفاع المانع. وعلى هذا تكون القضية مطلقة، أي: محكوم فيها بفعلية النسبة، أي: تحققها، فيكون معنى فتدغم: بحيث لو وجد الإدغام بالفعل، فلا يرد: يحمررن ونحوه أصلاً. تمت. محمد بن إبراهيم بن المفضل.