[بيان إدغام المتقاربة بعضها في بعض]
  (والمهتوت: التاء) سميت بذلك (لخفائها)، والهتّ: سرد الكلام على سرعة. وهي حرف لا يصعب التكلم به بسرعة لخفائه.
[بيان إدغام المتقاربة بعضها في بعض]
  ثم بعد أن بيّن تقارب ما تقارب من الحروف في المخرج والصفة شرع في بيان إدغام المتقاربة بعضها في بعض، وقَدَّم مقدمتين: إحداهما لمعرفة كيفية إدغامها، والأخرى لمعرفة ما لم يجز إدغامه منها في الآخَر.
  فالأولى هي قوله: (ومتى قصد إدغام المتقارب فلا بُد من قلبه) أي: متى قصدت إدغام أحد المتقاربين في الآخر فلا بد من قلب أحدهما، ولو قال كذلك لكان أولى؛ لأن التقارب تفاعُل، وإنما يكون بين شيئين، ولا يسمى الواحد متقارباً، بل الاثنان متقاربان.
  وكذلك قوله: «لا بد من قلبه» ظاهره أنه لا بد من قلب المدغم، وليس كذلك، بل المراد: لا بد من قلب واحد منهما، كما سيتضح.
  وإنما لم يكن بد من قلب أحدهما إلى الآخر لما عرفت أنه لا بد في الإدغام من اتحاد المخرج.
  وإذا لم يكن بد من قلب أحدهما فالأصل (والقياس قلب الأول) إلى الثاني دون العكس؛ لأن الإدغام تغيير الأول بإيصالِه بالثاني وجعْلِه معه كحرف واحد، فلما لم يكن للأول بُدٌّ من التغيير(١) بعد صيرورة المتقاربين متماثلين ابتدأت بتغييره بالقلب، فيقلب (إلا لعارضٍ) يمنع من القياس المذكور كائنٍ في إدغام الحاء في العين أو الهاء (في نحو:) اذبحْ عَتوداً، أو اذبحْ هذه؛ فإنه قُلِب فيه الثاني إلى الأول فقيل: (اذبحَّتُوداً، واذبحَّاذه)، وذلك العارض أن الأول أخف من الثاني، مع كونهما حلقيين كما سيتضح، وكما عرض أيضاً في نحو: بريَّة
(١) بالإسكان والإيصال.