الدرس الثالث عشر رسالة الحقوق للإمام زيد بن علي #
  وللقدمين حقاً، وللبطن حقاً، وللفرج حقاً، فبهذه الجوارح تكون الأفعال.
  وجعل تعالى للأفعال حقوقاً، فجعل للصلاة حقاً، وللزكاة حقاً، وللصوم حقاً وللحج حقاً، وللجهاد حقاً، وجعل لذي الرَّحم حقاً، ثم إن حقوق الله تتشعب منها الحقوق، فاحفظوا حقوقه.
  فأما حقه الأكبر: فأن يعبده العارف الْمُحْتَجُّ عليه فلا يشرك به شيئاً، فإذا فعل ذلك بالإخلاص واليقين فقد تضمّن له أن يكفيه، وأن يجيره من النار.
  ولله ø حقوق في النفوس: أن تستعمل في طاعة الله بالجوارح، فمن ذلك: اللسان، والسمع، والبصر، قال الله ø في كتابه: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ٣٦}[الإسراء].
  فاللسان: يُنزهُ عن الزور، والكذب، والخناء، وأن تقيمه بالحق لا تخاف في الله لومة لائم، وتحمِّله آداب الله، لموضع الحاجة إليه، وذلك أن اللسان إذا ألف الزور، والكذب، والخناء اعوَّج عن الحق، فذهبت المنفعة منه، وبقي ضرره، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ وسلامه: (يُعرف ذو اللب بلسانه).
  وقال ~: (المرء مخبوء تحت لسانه) وقال ~ وسلامه: (لسان ابن آدم قلم المَلَك، وريقه مداده، يا ابن آدم فقدّم خيراً تغنم أو اصمت عن السوء تسلم).
  وحق الله على المؤمن في سمعه: أن يحفظه من اللغو، والاستماع إلى جميع ما يكرهه الله تعالى، فإن السمع طريق القلب، يجب أن تحذر ما يسلك إلى قلبك.
  وحق الله في البصر: غضه عن المحظورات ما صغر، وما كبر، ولا تمده إلى ما منح الله به المترفين، واترك انتقال البصر في ما لا خير فيه، ولكن ليجعل المؤمن نظره عِبَرَاً، فإن النظر باب الاعتبار.
  وحق الله في اليدين: قبضهما عن المحرمات في التناول، واللمس، والبطش، والأثَرَة، والخصام، ولكن يبسطهما في الخيرات والذب عن الدين، والجهاد في